حمّاد السالمي
* بعد وفاة الرئيس المصري السابق (محمد مرسي) في المحكمة - وليس في السجن - صاح وناح خلق كثير من قطيع (الإخونج والصحونج)، مدعين أنه قُتل، ومطالبين بالثأر من القتلة كما يقولون. جاء هذا كله بغطاء من خطاب حزبي تبناه خليفتهم المنتظر (طيب رجب قردوغان)، الذي راح يتاجر بدماء الأموات من العرب مثل : (الخاشقجي ومرسي)، ونسي أو تناسى مئات القتلى وعشرات آلاف المحتجزين في سجونه هو. وهو الذي يتكئ على إرث عثماني أسود، يقوم على احتقار واستعباد العرب منذ زمن أجداده، الذين كان السلطان منهم يرأس هيئة حاكمة تتكون من العبيد (القولار)..! فولاة الأقاليم والأمصار يتم اختيارهم من العبيد الذين يأمن السلطان ولاءهم، وارتضى كثير من العرب وقتها أن يكونوا عبيدًا يحكمون ويسبحون ويحمدون باسم سيدهم التركي، الذي يستخدمهم لجلد العرب، وإهانتهم وسلبهم، وتركهم يعيشون في جوع ومرض وخوف حتى يأمن جانبهم.
* مرة أخرى وبعد زوال خلافة (الأسياد والعبيد) العثمانية؛ التي بادت مع نهاية الحرب العالمية الأولى؛ يعيد حزب الإخوان حلم العودة، ويستقطب على مدى تسعة عقود مضت؛ الخارجين على عروبتهم، والنافرين من أوطانهم، فنجد منهم من يقترب أكثر، ويخرج إلينا من استانبول أو الدوحة أو العواصم والمناطق التي يأوي إليها القطيع من هؤلاء. يخرج إلينا بنماذج خرافية مضحكة، تلغي العقول وترضي العجول. وقد يظن البعض أن هذا أمر جديد، بينما هو جزء من تاريخ الدجل والخرافة الذي يقوم عليها حلم الخلافة، سواء عند حزب (قردوغان) في تركيا، أو عند القاعدة وداعش والنصرة وغيرها، فكل هذه الخلطة من التخاريف؛ هي بضاعة يقتات عليها رموز (الإخونج والصحونج) منذ أمد بعيد.
* تقول (العدالة نامة) الصادرة عام 1525م؛ إن (سحابات من آهات طالبي العدل كانت قد وصلت إلى عنان السماء)..! وكانت تتحدث عن السلطان العثماني وهو ذاهب لأداء الصلاة في المسجد والعودة منها يوم الجمعة. وفي يومنا هذا؛ تقول الناشطة اليمنية (الإخوانية.. توكل كرمان) في تغريدة باكية إثر وفاة محمد مرسي : (صلوا عليه وسلموا تسليمًا)..! وفي تغريدة أخرى؛ أخذت أبيات شعر لنزار قباني في عبد الناصر، وخاطبت فيها محمد مرسي قائلة: (قتلناك يا آخر الأنبياء.. قتلناك.. ليس جديداً علينا اغتيال الصحابة والأولياء)..! محمد مرسي نبي..!
* ومن خرافات (الصحونج والإخونج) -وهي كثيرة- ما هَذَى به أحد شيوخهم من بيننا قال ذات يوم: (شفت في الحلم لأول مرة في حياتي الرسول عليه الصلاة والسلام مع الصحابة، وجلست معهم، وأخذت أذهب وأرجع مع الرسول، وأوجه له الأسئلة وهو يجيب عنها، وقلت له : ممكن أسجل هذه الفتاوى والأجوبة حتى يستفيد الناس منها..؟؛ فرد عليّ : لا بأس. اعرضها علي حتى أراجعها وأصححها، ثم طلب مني بيتاً يكون مأوى ومقراً نجتمع فيه. فقلت له : مع الأسف؛ إن الظروف الآن ليست مواتية، فهناك تحفظات واشتراطات أمنية)..! يا سلام على هذا الكلام..! تحفظات أمنية.
* أما الشيخ الإخونجي المصري الذي جاب العيد كما يقولون فقد حلم -هكذا يريدون الناس أن يحلموا معهم- حلم زمن خلافة محمد مرسي فأخبرنا قال : (حلمت أنني اجتمعت مع الرسول عليه الصلاة والسلام في حضرة الرئيس محمد مرسي، فلما حان وقت الصلاة؛ طلب الناس من الرسول أن يتقدم ويؤمهم، غير أن الرسول قال لهم بالحرف الواحد: لا.. إن من يصلي بكم هو محمد مرسي)..! وهناك شيخ صحونجي آخر من بيننا لا يقل فذلكة عن غيره ممن سبقه في دنيا الخرافات التي يسوقها المؤدلجون لتكثير القطيع واستغفال الجهلة منهم. وقف هذا الشيخ ذات يوم على منبر وهو يرعد ويزبد ويصور للأمة رؤيته رأي العين مع أيمان مغلظة للملائكة وقد نزلت من السماء فوق صهوات الجياد للقتال إلى جانب الثوار في سورية..! فكشر وبشر بزوال النظام خلال ساعات، وها هي سنوات طوال مرت والحال كما هو في سورية..!
* إن خلق وترويج الأكاذيب والخرافات؛ عملية لم تتوقف يومًا، ولن تتوقف ما دام هناك بيئة جاهلة تتقبلها. تتذكرون جيدًا ما شاع وما عُرف آنذاك بكرامات الجهاد والمجاهدين. وكان الهالك (عبد الله عزام)؛ هو من أسهم في تسريب تلك الخرافات تحت شعار الكرامات، وذلك من خلال كتابه الشهير (آيات الرحمن في جهاد الأفغان). وكما يتبين من العنوان، فقد شحنه مؤلفه بما تفتق عنه الخيال من حكايات خوارقية حول معجزات المجاهدين في محاربة الروس الكافرين. وساعد على انتشار هذه المرويات الخرافية؛ هيمنة العقلية الأسطورية التي كانت وما زالت في مجتمعاتنا الإسلامية. وما روج له عزام وصدقه من لا عقل له قوله : إن دبابة سارت على جسد مجاهد مرتين فلم يمت..! ودفن الروس ثلاثة قتلى لكنهم خرجوا بعد ذلك بدون حتى خدوش..! وإن قبور القتلى يخرج منها ريح المسك..! ويطلق الروس الصواريخ فترتد عليهم..! ويدخل المجاهدون المعركة فيخرجون بثياب نخلها الرصاص دون أن يصيب أجسادهم..!
* هذا قليل من كثير من دجل القوم.. ذلك أن التاريخ لن يجد من منجز يحسب للعثمانيين وجماعة الإخوان والصحاينة؛ فوق نشرهم للفتن وسفكهم للدماء وتخريب الديار؛ إلا هرطقاتهم وخرافاتهم وأكاذيبهم التي لا حصر لها. سيظل رموزهم يحلمون بخرافة الخلافة، ويمطروننا بأكاذيب وهرطقات جديدة. ما أصبرنا على وجوه كهذه.. ولكن؛ هي إرادة رب العالمين. إنها: (وجوه.. كره الله لقاها..... فأبقاها لشقاها).