د. منصور المالك
لا يبدو الرئيس الأمريكي في عجلة من أمره بخصوص إيران؛ فهو يعلم مدى التأثير الاقتصادي للعقوبات.. عقوبات قال عنها الرئيس الإيراني أنها الأخطر منذ الحرب العراقية الإيرانية، وقال عنها وزير الخارجية الإيراني أنها تساوي الحرب العسكرية. العقوبات ستستمر وستزداد... وإيران ستضعف... وستأتي زاحفة للمفاوضات. هكذا يرى ترامب الأمور... تجربة سبق أن مر بها مع كوريا الشمالية، وعلى قناعة أنها ستتحقق مع إيران أيضاً.. لكن كيف يرى الإيرانيون الأمور؟.
يرى المرشد الإيراني ومستشاروه والحكومة الإيرانية أن الوقت ليس في صالح إيران، فالاقتصاد ينهار والأوضاع الاجتماعية تزداد صعوبة وبوادر الثورة الشعبية تلوح في الأفق.. وبالتالي فلابد من الخروج من هذه الأزمة بأقل الأضرار حتى ولو كانت ضربة عسكرية خاطفة أو حتى حرباً محدودة تشنها الولايات المتحدة يتدخل بعدها مجلس الأمن والدول الرافضة للعمل العسكري لإيجاد مخرج للأزمة. هذه الضربة المحدودة في رأي النظام القمعي في إيران ستكون مبرراً مفيداً كذلك لقمع أيّ تحركات شعبية بحجة ضرورة التفرغ لمواجهة العدو الخارجي.
الإيرانيون إذاً يريدون حراكاً عسكرياً لكن بشروطهم. ولهذا يستفزون أمريكا وحلفاءها ومرة أخرى بشروطهم. الاستفزازات الإيرانية مؤذية ومقلقة ولكنها لا ترقى إلى مستوى إعلان الحرب. الرئيس الأمريكي لا يستطيع شن حرب على إيران لأنها أسقطت طائرة استطلاع بدون ضحايا أمريكان، أو لأنها فجرت ناقلتي نفط.. ولو شن هذه الحرب فلن يقف معه الرأي العام الأمريكي أو الكونجرس. الحرب تبدأ فقط عند سقوط جنود أمريكان في الميدان أو دبلوماسيين في السفارة الأمريكية. إيران تفهم هذا وتتجنبه.. دعونا نقول تتجنبه حتى الآن.
ستحاول إيران توريط أمريكا بالضربة العسكرية الخاطفة لجذب المجتمع الدولي للبحث عن حلول للأزمة.. هذا خيار مرّ ولكن الخيارات الأخرى أشد مرارة. فإذا أذعنت للمفاوضات فستكون مفاوضات طويلة تستمر شهوراً وسنين مع استمرار العقوبات، وتشمل مواضيع في صلب الأمن الإيراني وتهدد استمرار النظام.. ذلك يعني استسلام مذل وبدون أفق. وإذا قررت المضي في خيار الحرب المجنون فسيكون دماراً شاملاً لا حدود له سيعيد إيران المتخلفة أصلاً سنوات إلى الوراء.
خيارات إيران محدودة لكن الأهم أنها خيارات مرة.