د.عبدالعزيز العمر
قبل ما يزيد على نصف قرن من الزمن كنا في المرحلة الابتدائية ندرس مادة اسمها «العلوم والصحة». لقد تعلمنا في هذه المادة، ولو بشكل بسيط، بعض أبجديات الغذاء الصحي والعادات الغذائية السليمة، وكان تأثير تلك المادة على تفكيرنا المعيشي ملموساً. وفي ذلك الوقت لم يكن تعلم أساسيات الصحة والغذاء مقصوراً على مادة العلوم فقط، بل إن مواد أخرى كالقراءة والمطالعة ساهمت هي الأخرى في التأسيس لثقافة صحية لدى جيلي، وحتى العلوم الدينية كانت تسهم في تشكيل عاداتنا الغذائية (ما ملأ ابن ابن آدم وعاء شرا من بطنه). وفوق ذلك كنا نمارس الجري ولعب الكرة في الأزقة الضيقة في الحارة، يقابل ذلك اليوم جلوس الطفل منفردا وخاملا أمام أجهزته الإلكترونية لساعات طويلة، يتناول خلالها الوجبات السريعة الخاوية، وفي وقت متأخر من الليل أحيانا. في مثل تلك الظروف المعيشية المقلقة لا يمكن استمرار السكوت عن تواضع مساهمة التعليم في تعليم الطفل بعض العادات الصحية الغذائية، ولقد ترتب على ذلك ارتفاع معدلات السمنة بين الأطفال، والسمنة كما نعلم هي حزمة من الأمراض المحتملة، ومن الطريف أن أذكر أن أحد معلمي العلوم في أوروبا قد وعد طلابه بدرجات إضافية مقابل تخفيضهم أوزانهم. ومما يجدر ذكره هنا هو أن وزارة الصحة تصرف اليوم أموالاً هائلة على معالجة أمراض كان يمكن تلافي حدوثها بقدرة الله لو أننا زودنا طلابنا بجرعات تعليمية تثقيفية كافية حول العادات الصحية الغذائية السليمة.