محمد سليمان العنقري
ركيزة الاقتصاد وداعمه الأساسي هو التعليم الذي يرفده برأس المال البشري المؤهل لشغل الاعمال التي تطلب متخصصين مؤهلين ومدربين بمختلف المنشآت التعليمية، لكن لا يمكن لهذه المنشآت أن تحدد من تلقاء نفسها ما هي احتياجات سوق العمل؛ فالتعليم هو جزء من منظومة الدعم للاقتصاد الذي تتحدد هويته وفق الإمكانيات التي تعطيه الميزة التنافسية عالمياً على وجه الخصوص.
فالهوية الاقتصادية التي تحددها الدول لنفسها تنعكس على القطاعات المساندة كافة، وأبرزها التعليم، حيث يتم وضع المناهج وكذلك نسب القبول بالتخصصات المطلوبة وفق ما يحتاجه سوق العمل، فدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا تعد الصناعة هويتها الاقتصادية الأساسية، ولذلك فإن القبول والتركز بالتخصصات التقنية والعلمية هو الاعلى نسبة بين التخصصات كافة ويتجاوز في هذه الدول 35 % من إجمالي خريجي الثانوية، فلا يمكن لأي خطط تعليمية تهدف لرفد سوق العمل بالمؤهلين أن يتم وضعها دون ربطها بالهوية الاقتصادية والنشاطات الأساسية التي يتم التركيز عليها نظراً لكونها تمثل عناصر قوة لاقتصاد الدولة.
فالتخطيط للتعليم يتبع ميزة كل منطقة بالدولة حتى يتم توزيع الاختصاصات على هذا الأساس، وأيضاً يتبع من حيث تحديد النسب، عموماً أهم القطاعات التي تمثل الهوية الاقتصادية العالمية للدولة يضاف لذلك ما هي التخصصات التي تخدم هذه القطاعات أي المساندة كالصحة والتخصصات المالية وغيرها، فالهوية الاقتصادية هي من يوجه التعليم نحو توجيه الكوادر البشرية للاختصاصات المطلوبة والمناسبة وأيضاً توجه الاستثمارات بمختلف فئاتها سواء كانت كبيرة أو متوسطة أو صغيرة وكذلك نوعية التقنيات المطلوب توطينها والعديد من العوامل والمحددات التي تحتاج إليها القطاعات الرئيسية بالاقتصاد.
مطلوب من التعليم مواكبة احتياجات سوق العمل والعصر الحديث بالتخصصات والتأهيل المناسب، لكن يسبق ذلك تحديد القطاعات التي ستمثل الجزء الأكبر من التأثير بالناتج المحلي للدولة لكي يتم تحديد التخصصات ونسب القبول فيها من حجم رأس المال البشري ليتم تغطية الطلب على العمالة المحلية المؤهلة.