د.ثريا العريض
واضح للمتابعين لأحداث الساحة العالمية أن موقع المملكة العربية السعودية وأهميتها الاقتصادية والتنموية عالميا لم يغب عن تفاعلات الساحة العالمية والإقليمية على مدى سبعين عاما, وأن مظاهر حضورها الإيجابي تصاعدت مؤخراً رغم المحاولات الحثيثة لتحجيمها من قبل جهات معادية عدة؛ بعضها واضح ويعضها مستتر.
خلال الأسبوعين الماضيين توالت أحداث كثيرة في المنطقة العربية وجوارها القريب والبعيد, يبدو بعضها لا علاقة له بالآخر بدءاً بمؤتمر المنامة, ومروراً بتعديات الحوثيين بطائرات مسيرة من صنع إيراني على مطار أبها ومدن الجنوب السعودي, وتواصل عنف الإرهاب المنسوب لداعش في سيناء وشمال المتوسط وغرب البحر الأحمر, بالإضافة إلى اشتعال الشوارع الإسرائيلية بمظاهرات مواطنيها يهود الفلاشا الأثيوبيي الأصل ضد العنصرية البيضاء, واتضاح تغير التوازنات الانتخابية في الشوارع التركية ضد تصدر حزب العدالة والتنمية.
أما مؤتمر المنامة الذي حاول فيه جاريد كوشنر تقديم رؤيته لحل يناسب مرئياته للشرق الأوسط فقد صدق الخبراء حين وصفوه أنه ولد مشلولاً إذ قضى التمسك السعودي بحق الفلسطينيين في وطن خاص بهم ودولة فوق أرضهم على محاولة تسويق صفقة القرن تحت مسمى تنمية المنطقة اقتصادياً.
أما أهم الأحداث البعيدة عالمياً فكان انعقاد قمة العشرين في اليابان, والاحتفاء بمشاركة السعودية, وهي العضو العربي الوحيد في المجموعة, وما سبقها ولحقها من زيارة ولي العهد السعودي لكوريا الجنوبية والصين.
أعلنت المملكة في قمة العشرين بأوساكا عن استضافتها للقمة القادمة بنهاية هذا العام في الرياض. ولعلنا سنرى في محاور القمة القادمة ما يدعو للتفاؤل بانفراج في معاناة وتحديات شعوب العالم, عبر تأهيل الفئات المهمشة حالياً كالإناث والشباب والموهوبين. وإيجاد حلول اجتماعية واقتصادية بعيداً عن الصراعات والحروب والاستقطاب ومحاولات الهيمنة وخاصة في مناطق الطاقة والثروات الصناعية واليد العاملة. وتجربة المملكة العربية السعودية ناجحة كآخر من اعتمد هذه السياسة والرؤية.
منذ بداية القرن الحالي والمملكة في محاولات مستمرة لإحلال التوازن في علاقاتها الدولية, ورفع تهمة الانغلاق والغلو عن مجتمعها, ووصمة الإرهاب عن العرب والإسلام ككل. وفي حين أن ردود الفعل لدوافع وأحداث سواء عفوية أو متقصدة أنتجت إحكام هذه التصنيفات المسببة للكراهية، بينما ظلت المنطقة الشرق أوسطية كلها موقع اهتمام دول العالم وقياداته لأسباب اقتصادية بحتة تتبلور حول مصالحها الخاصة.
آخر خطط التشكيك في أهلية المملكة العربية السعودية لصنع القرار والقيادية إقليميا وإسلاميا جاء عبر محاولات تشويه السمعة والتغاضي عن وتشجيع سعي إيران لإحياء الحزازات المذهبية المتجذرة تاريخيا في الجوار, وتفعيل طموحاتها لتصدير الثورة شمالا في العراق والبحرين وسوريا ولبنان وعبر البحر الأحمر, وجنوبا في اليمن, حيث بتغاضي المستفيدين تفاقم الدعم الإيراني إلى التمويل والتدريب ونقل تقنيات التسليح بما في ذلك تصنيع الألغام والمتفجرات وإطلاق الطائرات المسيّرة الإيرانية الصنع.