نوف السمرقندي
مامعنى أن يتحول مجتمع أو عالم بأكمله إلى
«مجرد شيء من الأشياء»
معناه أن يفقد الفرد قيمته ووجوده في نظر نفسه وإن ساهمت الرأسمالية في هذا الأمر وجعلت من الإنسان سلعة قابله للتفاوض، والإتجار، والإعلان..
وبسبب فقدان القيمة فُقِدت القيم فأصبح الفرد يمارس إسقاطه بكل جُرأة، ويسقط آراءه وفق مفهومه المتشيء على العالم، بالطبع هو يمثل كارثة فما بال إن كانت هذه الكارثة تمارس ضد نصف الحياة الآخر بشكل مكثف.. بسبب الثقافة المختزلة لدى الجميع ولا نستثني مفكرين، ولا أدباء، ولا المثقفين بل حتى النساء أنفسهم يمارسون هذا الأمر بشكل شنيع لإرضاء فضيلة المجتمع الذكورية..
وفي كل زمن يتم استخدام مصطلح للمواربة عن حقيقة الفكر المتشيء ففي السابق كانت المرأة هي العورة وانصب الاهتمام على تحويلها إلى جسد مغلق ومغطى بالكامل وكلما أسرف في التغطية كلما نال رضا العالم من حوله..
من الكرامة لديهم أن تموت المرأة (أو هذا الشيء) ولا يتم إسعافها بحجة الفتنة والعورة..
أكاد لا استوعب المشهد وهو ينهش بمخالبه المنطق الإنساني.!
لماذا النظر إليها كشيء مخجل..!
حتى في أحق استحقاق لها كقيادة السيارة على سبيل المثال أغفلوا كل كيانها وتم التركيز على شيء منها كقضية ضارة بمساحة معينة من جسدها..
ومثلها مثل قضية هروب الفتيات..، تركوا القضية وجذورها، وحلولها، ورأو الفتيات من منظور الشيء وتلك المساحة المحددة من الشيء، ضاربين عرض الكون بالأسباب النفسية، والعقلية، والاجتماعية وأسلوب معالجتها..!!
رغم أن آلاف الذكور يُنظر إليهم كشخص كامل حتى وإن تجاوز كل أنواع الحدود المتعارف عليها..!
والغريب أن النساء أول من يسقطن هرائهن، ونظرتهن القاصرة على النساء، محاولة لإرضاء الذكورية، التي تؤمن بها أكثر من إيمانها بقيمتها.!!
الأمر تعدى الحالات الانفرادية، ليشمل منظمات وجماعات اختزلت مفهوم التشيؤ كأساس تتعامل به في كل مواجهة.. وخاصة عندما تتعلق هذه المواجهات بالمرأة..
فإذا كانت المرأة هي القضية خرج المُنَظِر عن كل المفاهيم، والكينونة الإنسانية لينظر وفق مساحة محدودة في جسد المرأة، مع التجاهل التام للشخصية، والدور الإنساني..
ففي كل قضية متعلقة يتم هذا النوع من الإسقاط على هذا الجسد، وإن كانت القضية في بَرٍ آخر لها أسباب وجذور، وحلول وأحياناً تقتضي حلولاً عاجلة..
بسبب هذه النظرة التشيؤية للمرأة يصبح صرف العلاج مستحيلاً لأن المُنظِّر لايقف على المشكلة وإنما يقف على الجسد المتهم دوماً في نظره.
«لا قيمة لمن ينظر إلى نظيره في الحياة إلى شيء».