د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تراجع مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.4 في المائة فيما تذكر بعض الإحصاءات أنها 6 في المائة بنهاية عام 2018 متراجعة من 9 في المائة عام 2014 نتيجة تولي الدولة إعادة هيكلة هذا القطاع تماشيا مع الهيكلة الشاملة لقطاعات الدولة الاقتصادية، أي أن القطاع انكمش نحو 70 في المائة من قيمته بعدما انخفضت قيمة القطاع من 440.3 مليون ريال إلى 142.6 مليون ريال بنهاية 2018، (لكن هذا الانخفاض لم يكن في النمو السكني، وإنما انخفاض في قيمة تداول الأراضي دون تنمية، لذلك يعتبر الانخفاض إيجابيا لصالح الإسكان).
إذ يعتبر القطاع العقاري القطاع الثاني بعد القطاع البترولي، وأنفقت الدولة مليارات الدولارات على مشروعات عملاقة في السنوات العشر الماضية، لكن غياب وجود آلية معيارية للتخطيط والمتابعة والإجراءات المحاسبية أدى إلى توقف كثير من المشروعات أو تأخرها، لكن بإنشاء الهيئة السعودية للمقاولين التي لديها 34 مبادرة تتضمن مبادرات تأسيسية وتنظيمية وخدمية، ومن بين المبادرات ما يتعلق بالتراخيص والتصنيف والعقود النموذجية والإحصاءات والتحكيم والاستشارات ومؤشرات الأسعار والمؤتمرات المتخصصة إضافة إلى مبادرات أخرى.
يأتي تأسيس الهيئة التي حلت مكان وكالة التصنيف في وزارة الشؤون البلدية والقروية وحاليا لا تغطي سوى شركات المقاولات العاملة مع الحكومة والتي يتراوح عددها ما بين 3700 - 4000 شركة.
يواجه الهيئة أن المقاولين المصنفين يمثلون فقط 2 في المائة من إجمالي المقاولين البالغ عددهم 142 ألف مقاول وفقا للإحصاءات المتحفظة للهيئة، مما يعني أن 98 في المائة من المقاولين الذين يعملون بالسعودية غير مصنفين، فيما هناك إحصاءات في عام 2014 تذكر أن عدد المنشآت يبلغ 849269 منشأة الغالبية شركات صغيرة بنحو 52218 وصغيرة جدا 202467 شركة، ويبدو أنها إحصائية غير دقيقة.
لكن الخطير أن الشركات التي تعمل من الباطن كانت بنحو 85 في الباطن تفوق النسبة الدولية التي لا تزيد عن 30 في المائة، لأنها تعيق نمو هذه الشركات، وبالفعل عندما دخل هذا القطاع دائرة إعادة الهيكلة خرجت نسبة كبيرة جدا من هذه الشركات لأنها غير قادرة على البقاء في السوق بسبب معاناة السوق من التستر وتحديات التوطين خصوصا في الوظائف الهندسية والكتابية والإشرافية.
لكن في عام 2018 كانت نسبة المنشآت المتناهية الصغر أقل من 5 عمال تمثل 55 في المائة و41 في المائة صغيرة ومتوسطة، والنسبة المتبقية 1 في المائة شركات كبيرة، ما يعني أن هناك خلل في تركيبة قطاع الإنشاءات.
وجدت الهيئة أن من أهم التحديات التي واجهتها نقص العمالة المؤهلة، لكنها توصلت بالتعاون مع وزارة العمل إلى تدوير العمالة بين شركات المقاولات وعدم اللجوء إلى استقدام عمالة من الخارج.
تهدف الدولة إلى أن تصبح مساهمة القطاع في عام 2020 نحو 10 في المائة بالتزامن مع تنفيذ العديد من المشاريع العملاقة الضخمة، خصوصا وأنها تستهدف رفع التمويل العقاري من 11.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنهاية عام 2018 إلى 15 في المائة عام 2020 خصوصا بعد تنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية في سوق العقار حتى أصبحت أسعار الأراضي في متناول المواطنين بعد انخفاضها بنحو أكثر من 30 في المائة، بجانب تركيزها على الأراضي المطورة، والدفع بملاك الأراضي ذات المساحات الكبيرة داخل المدن ضخها في سوق الإسكان من أجل أن يصبح العرض أكبر من الطلب.
أمام هيئة المقاولين تحديات ضخمة من أهم تلك التحديات كيف تتمكن الهيئة من فتح السوق أمام المنشآت الصغيرة والصغيرة جدا والمتوسطة لتتحول إلى شركات متوسطة وكبيرة، لكن إذا استمر مشاركة هذه الشركات من الباطن بنسبة عالية ودون ضوابط بهدف تنميتها وتمكينها من السوق إلى جانب الشركات الكبيرة والعملاقة، فإن هذه الشركات لن تنمو وسيستمر التستر، ولن تتمكن هذه الشركات من تحقيق التوطين خصوصا في الوظائف القيادية والهندسية.