منذ أن أعلن مجلس الوزراء برئاسة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (يحفظه الله) موافقته السامية على رؤية المملكة 2030، التي أشرف على إعدادها سيدي صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز (يحفظه الله)، والمملكة تخطو نحو المستقبل بخطى واثقة في جميع المجالات.
وقد أولت رؤية 2030 للأبعاد السياحية ما تستحق من عناية واهتمام، خصوصاً أن المملكة تحتوي على أكثر هذه الأبعاد، ومن أهمها السياحة التاريخية والطبيعية، حيث تضم المملكة الكثير من الآثار التاريخية للأمم السابقة، كما تضم المملكة العديد من المناطق ذات الطبيعة الخلابة والمناخات المتعددة التي تجعل منها قبلة للسائحين.
وقد استشعر سيدي صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير ما لمنطقة عسير من إمكانات هائلة تجعلها في مقدمة مناطق المملكة استقطابًا للسائحين، فقام سموه بإطلاق مبادرة غير مسبوقة حملت عنوان (حُسن الوفادة)، والتي يهدف من خلالها إلى وضع منطقة عسير في مصاف المناطق السياحية المتميزة، ليس على المستوى الداخلي فحسب، وإنما على المستوى الخليجي والعربي والإقليمي، حيث تزخر منطقة عسير بالمقومات الرئيسية التي تؤهلها لذلك، سواء في جغرافيتها الطبيعية المتنوعة، التي تضم الجبال، والوديان، والسهول المنبسطة، وإطلالة بعض مناطقها البحرية، ومناخها الفريد، إضافة لما تضمه من آثار تاريخية.
ولم يقتصر تميَّز مبادرة سمو سيدي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز على أهدافها الوطنية وغاياتها الاقتصادية والاجتماعية والحضارية، التي ستعود بالنفع والفائدة على المنطقة وسكانها والمملكة وشعبها؛ بل تميزت المبادرة بأسلوب إطلاقها وعرض مضمونها، حيث اتخذت هذه المبادرة بعدًا إنسانيًا راقيًا، وصبغة وطنية شاملة جعلت تحويل منطقة عسير إلى قبلة سياحية مستقبلية مسؤولية كل فرد من أهالي المنطقة، وكل مؤسسة حكومية أو جزئية أو أهلية خاصة.
حيث تم إطلاق المبادرة في اجتماع أسري كبير ضم مسؤولي المنطقة يتقدمهم سمو سيدي أمير منطقة عسير، وجمع من المسؤولين المدنيين والعسكريين بمختلف القطاعات ومشايخ القبائل وعدد كبير من المستثمرين وأصحاب المنشآت وغيرهم من فئات المجتمع.
وقد تضمن الاجتماع عرضًا شاملاً ومبدعًا ومشوقًا لمضمون المبادرة وخططها وأهدافها وسبل الوصول إلى غاياتها، حيث تضمن العرض بياناً بأهمية المنطقة وإمكانياتها السياحية الهائلة التي لم يكتشف منها إلا القليل، والسعي لتسليط الضوء لجذب إليها الأنظار واستقطاب الزوار، لتكون السياحة مصدر دخل وطني لأهالي المنطقة خاصة والدولة بشكل عام.
ولفت العرض إلى بعض الممارسات والسلبيات التي تصدر عن بعض المؤسسات والأفراد -سواء عن قصد أو عن غير قصد- لتكون عائقًا أمام الجذب السياحي للمنطقة، وتنفير السائح من القدوم إليها للاستمتاع بما فيها من إمكانات ومميزات؛ والتنويه إلى أن تلافي هذه السلبيات لا يتطلب جهدًا بقدر ما يحتاج إلى وعي مجتمعي بأهمية السياحة وانتشار ثقافتها بين أفراد المجتمع ومؤسساته، والتأكيد على أن ذلك هي مسؤولية الجميع وبخاصة أصحاب الرأي والكلمة المؤثرة في فئات المجتمع.
وأزعم أنه ما من أحد حظي بحضور هذا الاجتماع، أو شاهده، وشاهد واستمع إلى ما طرح فيه من رؤى وأفكار وتطلعات وآمال إلا وقد استشعر بالمسؤولية، وعقد عزمه، وحزم أمره على أن يبذل الجهد ليكون ابنًا بارًا لوطنه يدعم بالفكر والعمل جهود قادته للارتقاء ببلاده إلى أعلى قمم الحضارة والتقدم، وبمنطقة عسير خاصة إلى رأس قائمة المناطق السياحية بمملكتنا الغالية.
وانطلاقًا من توجيه سيدي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز لمشايخ القبائل، وبدوري كوكيل لشيخ شمل قبائل قحطان ووادعة، أدعو كل فرد من أفراد قبائلنا الكرام بأن نصطف خلف أميرنا المحبوب داعمين لهذه المبادرة، وأن نقوم بالدور المشرف كلاً في اختصاصه، وأن نعتبرها مبادرة لكل شخص منا، ونعمل على تطبيقها على أرض الواقع وفقًا للميثاق العام لمبادرة حُسن الوفادة.
وأن يسعى كلُُ منا إلى استيعاب ثقافة الاستقطاب السياحي بما يتطلبه من مهارات وقدرات واستقبال السائحين وحُسن وفادتهم، وتقديم ما يمكن تقديمه من خدمات بأفضل أسلوب وأدق أداء، وأقل تكلفه؛ وكلها -ولله الحمد- صفات متأصلة فينا جميعًا، من ديننا الحنيف ومن مكارم أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا التي توارثناها من الأجداد إلى الأحفاد.
إن السياحة من منتهاها هي درب من الضيافة، وإن كانت مدفوعة الأجر، وحينما يحرص كل منا على أن يتعامل مع السائح في منطقة عسير على أنه ضيفًا حل عليه، فلن يتغالى فيما يحصل عليه من عوائد مالية.
وأختم بالقول إن هذه المبادرة المبدعة والرائعة فرصة كبرى لإحياء منطقة عسير الإنسان، والمكان، والحضارة، والثقافة، فلنغتنم الفرصة ونشارك أميرنا المحبوب إبداع المبادرة بإبداع الاستجابة والتنفيذ.
سائلاً الله العلي القدير أن يحفظ مملكتنا الغالية آمنة مستقرة تحت قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين، وسمو سيدي ولي العهد والأسرة المالكة الكريمة، وأن يوفق خطى سيدي صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير ويسدد مسعاه.
** **
- عبدالله بن فهد بن دليم