أ.د.عثمان بن صالح العامر
لن أعرج على بيان سيرة الدكتور: محمد بن سليمان الرويشد الشخصية العصامية الشمولية النمودجية -في نظري- فهو معروف في أوساطنا الأكاديمية والرياضية والإدارية والإنسانية والاجتماعية والإعلامية، والمعروف -كما يقال- لا يعرّف، ومن لم يعرفه من جيل اليوم، وأراد أن يقرأ طرفاً من هذه السيرة العطرة، والتاريخ الناصع والحافل بالإنجازات والإبداعات فليرجع للقاء الذي أجراه معه الزميل (خالد الدوس) في جريدتنا العزيزة (الجزيرة) حين كان الدكتور محمد الرويشد وكيلاً لوزارة التربية والتعليم لشؤون التعليم، أو يقرأ في كتبه ويطلع على كتاباته، أو يقلب في صفحات الصحف والمجلات والقنوات الإعلامية.
بادرة سعودية جميلة، ولفتة وفاء ثمينة، وكرم يتجاوز الحدود السعودية ليستقر في أرض الكنانة، حيث يذهب الدكتور محمد في مثل هذه الأيام من كل عام إلى دولة مصر الشقيقة ويتصل على جميع الأساتذة الذين زاملوه وعملوا تحت إدارته منذ أن التحق بكلية المعلمين في الرياض وحتى ترجل عن منصبه وكيلاً لوزارة التربية والتعليم، ويعزمهم هم وأهلهم في مناسبة اجتماعية سنوية صار الكل من هؤلاء الزملاء يحسب لها حسابها ويترقب مجيئه في صيف كل عام، بل إن بعضهم لا يرى زميله الآخر إلا في هذا اليوم السنوي الذي يحضر فيه هو وأولاده وربما يصطحب معه أحفاده ليشارك زملاء كلية المعلمين في الرياض مناسبة الدكتور الرويشد السنوية. البعض من هؤلاء الدكاترة قد علاه الشيب وصار لا يستطيع الحراك والمشي يجيء بعربته ليلتقي برفقاء الرحلة ويسلم عليهم ويشاركهم حضور هذه المناسبة ويتذكر معهم سنوات السعودية الجميلة.
لقد اعتاد هذا الرجل الوفي الكريم أن يخصص جزءًا من ميزانيته السنوية لهذه المناسبة التي يشعر حين يرى الكل فيها بسعادة وفرحة لا تعدلها فرحة، وهو بهذا الصنيع الجميل يرسم صورة رائعة للوفاء مع الزملاء الذين كان لهم معنا تاريخ، عاشوا بيننا يوما ما، وكانوا شركاء في صناعة الجيل.
كثير منا كان له زملاء بل أصدقاء من بلاد عربية كثيرة عملوا معاً في المجال الأكاديمي أو الاقتصادي أو الإعلامي أو غيرها انتهت صلته بهم منذ غادروا هذه البلاد الخيرة ولا يعرف لهم طريق، وبقي أبو خالد من بين هذه الجموع التي تسنمت مناصب إدارية يحتفظ للكل بالود والمحبة والوصال، فهو لم يقصر فعله هذا على آحاد الزملاء وخاصتهم، ولَم يجعلها في المقربين جداً منه، أو المتخصصين في الكيمياء أو حتى العلوم على وجه العموم، ولا لسنة دون أخرى بل جعلها عامة وشاملة فصار للصيف نكهة خاصة لكل من عمل في كلية المعلمين بالرياض زميلاً للدكتور محمد بن سليمان الرويشد وتحت إدارته.
لقد عرفت أبا خالد سباقاً لكل خير، كريماً جبلة، وفياً سجية، لبقاً طبعاً، دمث الخلق، حسن التعامل، مبادراً، معطاءً، جميل السجايا، رائع الطباع، وما سقته في هذا المقال عن وصاله ووفائه وكرمه مع زملائه حتى هذه الساعة ينم عن كثير من السمات قل أن تجدها في هذا الزمن.
لقد عكست أبا خالد لهؤلاء الزملاء صورة رائعة عن الإنسان السعودي، فالشكر لك على ما صنعت وأبدعت، وحق لك أن يذكر صنيعك هذا لتكون بما فعلت نبراساً يقتدى بك وإلى لقاء والسلام.