فضل بن سعد البوعينين
كان يوماً استثنائياً للإعلام والإعلاميين؛ استقبل فيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ معالي وزير الإعلام، ورؤساء الهيئات الإعلامية ومجالس إدارات وتحرير الصحف وهيئة الصحفيين والكتاب، وشملهم برعايته وتوجيهه ودعمه واهتمامه.
رغم مشاغله الكثيرة؛ استقطع -حفظه الله- جزءاً من وقته للالتقاء بهم والحديث معهم بشفافية، وتوجيههم، وهو تجسيد لاهتمام القيادة بقطاع الإعلام وتأكيد لدوره الفعَّال والمؤثِّر؛ وشراكته في عمليات الإصلاح والبناء والدفاع عن الوطن وتبني قضاياه المختلفة.
شدد الملك سلمان في كلمته على أهمية الإعلام ودوره في إبراز المكانة اللائقة للمملكة بوصفها بلد الحرمين الشريفين، والمسؤولية التي يتحمّلها قادة هذه البلاد، تجاه المسلمين. وأكد على «ضرورة بذل المزيد من الجهود لنقل رسالة المملكة وجهودها وإسهاماتها البناءة بمختلف المجالات إقليمياً ودولياً».
للإعلام قوة ناعمة ومؤثِّرة؛ وهو قادر على إحداث التغيير الأكبر في الدول والمجتمعات؛ وهو المعين في الإصلاحات العميقة والتوجيه الإيجابي، ويمكن أن يشكِّل جيشاً مؤثراً للدفاع عن الوطن وحماية مصالحه؛ فالحروب الإعلامية لا تقل أهمية وتأثيراً عن الحروب العسكرية إن لم تكن أخطر منها في جوانب مختلفة، لذا تعمد الدول إلى بناء منظومة إعلامية مؤثِّرة تحقق مصالحها وتدافع عن مقدراتها.
أدركت المملكة مبكراً أهمية الإعلام؛ وقدرته على التأثير والتوجيه الإيجابي لخدمة سياساتها العامة ما حملها على ضخ استثمارات نوعية في وسائله المتعدِّدة. ولعلي أشير إلى دور الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ حين كان أميراً للرياض؛ في إنشاء مؤسسات إعلامية وصحف دولية مؤثِّرة كانت وما زالت واجهه مشرقة للإعلام السعودي الرصين.
يمكن لمنظومة الإعلام السعودي أن تكون أكثر إشراقاً مع وجود الرؤية الوطنية؛ والإستراتيجية الإعلامية؛ والإدارة التنفيذية الكفؤة؛ القادرة على استثمار المقومات المتاحة من أجل بناء منظومة إعلامية متكاملة قادرة على التأثير والتوجيه؛ محلياً وخارجياً؛ وبما يضمن دعم السياسات الوطنية ومواجهة التحديات والحملات الإعلامية المسعورة.
لدينا كفاءات سعودية قادرة على صناعة الإعلام وإعادة هيكلته ليكون خط الدفاع الأول عن المملكة، وأداة الإصلاح القوية، والحاضن لرؤية 2030 والمعزِّز لبرامجها الطموحة. ولدينا المبتعثون الذين تشرَّبوا الفكر الغربي؛ فأصبحوا قادرين على مخاطبة الغرب بثقافتهم ولغتهم وأساليبهم الخاصة، والسفارات التي يمكن أن تشكِّل منظومة إعلامية متكاملة إذا ما أحسن توجيه القائمين عليها؛ وقاعدة عريضة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي القادرين على تشكيل جيش إلكتروني محترف.
ولدينا المال والفكر والخبراء؛ ومع دعم القيادة الاستثنائي، يمكن خلق منظومة إعلامية بحثية متكاملة تدعم السياسة السعودية في الخارج وتتولى الدفاع عنها؛ ومواجهة الحملات الإعلامية وتأسيس جماعات ضغط غربية موالية، ودعم عمليات الإصلاح الشاملة في الداخل.
قدر السعودية أن تواجه بحروب إعلامية منظمة، تستهدف إصلاحاتها السياسية والاقتصادية والمجتمعية؛ وتسعى إلى استعداء العالم عليها؛ والإضرار بها؛ ما يستوجب وقوف الإعلام والإعلاميون صفاً واحداً؛ خلف قيادتهم؛ و لمواجهة قوى الشر وإفشال مخططاتهم القذرة.