محمد آل الشيخ
موقف الجامعة العربية المتخاذل مما يجري في ليبيا، خاصة بعد طلب فايز السراج من الأتراك التدخل واحتلال ليبيا، يثير كثيرًا من علامات الاستفهام حيال هذا (التطنيش) غير المبرر من هذه المنظمة الإقليمية العربية التي يفترض أن تهب لنصرة العرب الليبيين وإنقاذهم من التدخل التركي الأجنبي، الذي تموله الصغيرة (قطر).
والسؤال الذي يطرحه السياق: لماذا؟
أردوغان كما هو معروف ومشهور عنه يمر بصعوبات اقتصادية قاسية، وهو الآن مهدد من قبل الولايات المتحدة وكذلك الاتحاد الأوربي بعقوبات اقتصادية ما يجعل أزمته الاقتصادية تتفاقم، وهو على ما يبدو حوّل جيشه إلى جيش (مرتزقة) استأجرته قطر لإنقاذ رهانهم الأخير وهو ما يسمى الربيع العربي، وجماعة الإخوان المسلمين، والميليشات الإرهابية التي يتكون منها جيش السراج المستولي على طرابلس. انتصار جيش السراج هو انتصار للإرهاب في الشمال الإفريقي العربي، ما يجعل ليبيا في النتيجة قاعدة ينطلق منها الإرهابيون إلى بقية أنحاء إفريقيا، وبشكل خاص الدول العربية في تلك الأصقاع. وحسب الأنباء التي تتوارد وما تزال من هناك، فإن الأتراك بدؤوا (يشحنون) الإرهابيين بالمئات من سوريا على سفن تركية إلى ليبيا، وهذا يعني أن ليبيا، وجيشها الذي يسيطر على أكثر من 85 % من الجغرافيا الليبية، سيواجه في المستقبل القريب معضلة حقيقية، قد تنتهي -لا سمح الله- إلى فقدان المنجزات والانتصارات التي حققها المشير خليفة حفتر، خاصة في ظل منع الأمم المتحدة تزويد الجيش الليبي بالسلاح، وغض النظر عن (كسر) الأتراك لهذا الحظر بشكل سافر وعلى رؤوس الأشهاد.
والسؤال الذي نطرحه ويطرحه معنا عقلاء الأتراك غير المتأسلمين: ما الفائدة التي ستعود على تركيا جراء التدخل في دولة تبعد عنها آلاف الكيلومترات؟.. إنها الأموال القطرية من جهة، ومن جهة أخرى نصرة جماعة الإخوان، التي لم يبق لهم معقل يُمكن التعويل عليه إلا الدولة الليبية.
ولكن هل يقف العرب ممثلين في الجامعة العربية ينظرون إلى هذه الحرب تستعر وهم يتفرجون؟.. ثم أين دول الجوار الليبي من التدخل أو على الأقل التنديد بهذا التدخل لأن قيام دولة إخوانية إرهابية على حدودهم يعني حكماً أن هذه الدولة سيمتد إرهابها إليهم إن عاجلا أو آجلا، فجماعة الإخوان كما تقول أدبياتهم لا يؤمنون بالدولة القطرية، ويعتبرون كل بلاد العرب، بل وكل بلاد الإسلام، مسرحًا مشروعًا لعملياتهم وتدخلاتهم لتحقيق حلمهم بدولة الخلافة، ففشل تجربة دولة الخلافة في العراق وسوريا، سيعيدونها في ليبيا وينطلقون منها إلى بقية إفريقيا، وعلى رأسها مصر، معقلهم ومنطلقهم الأول، خاصة وأن ليبيا وانتشارهم فيها لا تحظى اليوم باهتمام العالم كما حظيت بها داعش في سوريا والعراق؛ لذلك فإن ليبيا اليوم تعتبر بيئة مثالية لإعادة تجربة دولة الخلافة حلم جماعة الإخوان وما تمخض عنهم من حركات الإسلام السياسي.
صحيح أن الكلمة الفصل الآن للسلاح، غير أن الجهود السياسية في أحايين كثيرة قد تسهم مساهمة ذات شأن في تسليط الأضواء على هذه القضية التي لا يكترث بها العالم ولا يبدو أنها تشغل باله، من هذا المنطلق فإنني أطالب جامعة الدول العربية بأن تتحرك، لتطويق هذه المشكلة قبل أن تتفاقم، وتتضخم، ويصعب تطويقها، فهل من مجيب؟..
إلى اللقاء