د.عبدالعزيز الجار الله
تعيش دول مجلس التعاون للخليج العربي واليمن -بالطبع دون قطر- وتعيش دولتا شمال الجزيرة العربية العراق والأردن حالة حرب ممثلة، العراق على التدخلات الإيرانية في شؤونه، والأردن على مخاوف أن يصلها حريق سورية والعراق، ومصدر هذه الحروب هي: إيران وأحزابها الأبرز؛ حزب الله، والحشد الشعبي، والحرس الثوري، والحوثي، وأنصار الله، والقاعدة، وداعش، وفيالق إيران والعراق، أيضاً من المصادر استمرار الحرب في اليمن ومناوشات المتمردين على الدولة اليمنية ممن يعملون على إطالة الحرب اليمنية، كذلك التهديد العراقي عبر الحشود الشعبية على حدود دول الخليج الشمالية، يضاف لمصادر الحرب دولة قطر التي تحولت إلى خزنة مالية والممول المالي للدول والأحزاب المارقة، فقطر قاعدة وحديقة خلفية مالية للإرهاب بالوطن العربي، وتركيا أيضاً تحولت إلى الصوت الإخواني العالي في حوض البحر الأبيض المتوسط، تتدخل في الشأن العربي والخليجي عبر دعم المتطرفين الذين يعملون على تفكيك الوطن العربي.
جميع هذه الدول حوّلت إعلامها إلى إعلام حربي ومواجهة عسكرية، وبصور أوضح عسكرة الإعلام، إيران منذ عام 1979م من بداية ثورتها نقلته إلى إعلام ثوري، وقطر مع الانقلاب الداخلي عام 1995 جعلته إعلاماً تحريضياً، وتركيا عام 2003 مع صعود نجم رئيس الوزراء رجب أوردقان الذي يرغب أن يكرر الدولة العثمانية في الوطن العربي من منظور جديد تحت مظلة الحلف العثماني.
هذه الدول حولت إعلامها إلى إعلام حربي وقتالي تصرف، وتشرف عليه أعلى سلطة سياسية ووزارة الدفاع والأجهزه العسكرية والحزبية، فتحت له الميزانيات ووظفت داخله الشركات الإعلامية ومؤسسات العلاقات العامة، وشبكات الخدمات التلفزيونية، والصحف العالمية بكل مراسليها عبر عقود شراكة وتدريب وتطوير، وأصبح بعض من الإعلام الدولي شريكاً في التعبير عن رأي هذه الدول وتبني قضاياها.
نحن في دول الخليج لا نريد عسكرة الإعلام حتى وإن كان الحد الجنوبي مهدداً من اليمن، والحد الشمالي مهدداً من الحشد الشعبي العراقي، وشرقي الخليج مهدداً من إيران وقطر، والضلع الغربي للمملكة البحر الأحمر تتلاطم أمواجه غير المستقرة الدول المتشاطئة التي تعيش قلاقل سياسية، لكننا بالمملكة يجب ألا نلتزم الصمت والحياد أمام مؤسسات صحفية عريقة تنهار أوهي في طريقها للإغلاق، ومحطات تلفزيونية تصرف عليها المليارات وصوتها لا يصل حتى إلى الدخل، وقنوات عربية من ممول من أموال سعودية تحاول أن تنقل الأخبار كما تردها من الوكالات والمراسلين دون تدخل.
لذا ليس من المنطق أن نقبل بإعلام ساكن ومؤسسات تنهار ونحن نعيش حالة حرب شرسة.