حين تهوي أوراق الحياة لا تستأذن السقوط، تسقط بصمت متفانٍ كصمت جمال روحها الإنسانية. روحاً أحببناها وسكنتنا، إنها روح صديقي وزميلي معالي الدكتور حمد بن عبدالله الصقير الذي ولد بتاريخ 1351هـ ورحل عنا هذه الأيام عن عمر يناهز 89 عاماً مسطراً تاريخاً حافلاً من العطاء الإنساني في خدمة وطنه وأمته.
فقيدنا الذي غادرنا وحمّلنا أمل إيصال رسالته، يجدر بنا أن نتعرَّف على جانب من إضاءات حياته العملية...، هو حامل الماجستير في الأمراض الصدرية والدرن من جامعة ويلز - كارديف - بريطانيا 1384هـ، وخريج بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الإسكندرية بمصر عام 1379هـ.
رحل وله في حياته بصمات إنسانية بدأها طبيباً في وزارة الصحة السعودية عام 1380 هـ، ثم مديراً لأحد مراكزها الصحية عام 1386 هـ، ليتسنّم بعدها رسالته مديراً عاماً للأمراض الصدرية عام 1387 هـ، ثم طبيب أخصائي بوزارة الصحة عام 1391هـ، فوكيلاً للوزارة للشؤون الصحية بوزارة الصحة عام 1396هـ.
رأس - رحمه الله- جمعية الهلال الأحمر السعودي في العام 1403هـ ولمدة خمسة عشر عاماً كنت أعمل تحت رئاسته، ننهل من خبرته ونسترشد بوصاياه، ليواصل رسالته الإنسانية المضيئة، حيث كان عضواً باللجنة المركزية للحج بإمارة منطقة مكة المكرمة، وعضواً للجنة الحج الصحية بوزارة الصحة، وعضواً للجنة المركزية للإغاثة بوزارة الداخلية، كما اختير عضواً للجنة العليا لمسلمي البوسنة والهرسك بإمارة منطقة الرياض، إضافة إلى عضويته في مجلس إدارة جمعية الأطفال المعاقين.
وتأخذنا الطرق والمنحنيات إلى عزاء الروح قبل القلوب لهذه الشخصية الإنسانية التي كان لي معه العديد من المواقف التي تبرز إخلاصه وتفانيه ونزاهته واستقامته وحرصه على القيام بعمله بكل أمانة وإخلاص، كان له صولات وجولات في خدمة العمل الإنساني والإغاثي، حيث ترأس العديد من وفود هذا العمل، فقد ترأس وشارك في وفد المملكة العربية السعودية لاجتماعات منظمة الصحة العالمية في جنيف، كما ترأس وفد جمعية الهلال الأحمر السعودي لاجتماعات الاتحاد الدولي للهلال والصليب الأحمر، وترأس وفدها لاجتماعات الأمانة العامة لجمعيات الهلال والصليب الأحمر العربية، وكذلك لاجتماعات جمعيات الهلال الأحمر لدول الخليج العربي، بالإضافة إلى مشاركاته العديدة في ندوات متعددة لمناقشة وبحث أمور مختلفة داخل المملكة وخارجها، بالإضافة إلى ذلك فقد شارك وترأس وفوداً رسمية لزيارة دول مختلفة بهدف الاطلاع على وضعها واقتراح مساعدتها.
ولم يتوقف حضوره العملي في خدمة رسالته، حيث تم ترشيحه عضواً لمجلس الشورى السعودي عام 1418هـ، ليواصل بمزيد من التميز تقديم رؤيته بالمجلس، ويعمل على تفعيل العديد من الاقتراحات الهادفة.
رحمك الله يا أبا فيصل، يا من عشت متوهجاً وغادرت في توهج، ولا نملك بعد كل هذا وبعد موتك إلا الدعاء لك بالرحمة والمغفرة وأن يجعل المولى قبرك روضة من رياض الجنة وأن يلهم ذويك الصبر والسلوان.
** **
د. صالح بن حمد التويجري - الأمين العام للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر