فهد بن جليد
تخصيص «محاكم مُستقلة» للأخطاء الطبية للنظر في تلك القضايا من كافة الزوايا أسوة بالمحاكم العمالية والتجارية، يُسهم في إنهاء «الملفات والقضايا» بشكل أسرع من الناحية «القانونية والطبية والشرعية» وفق إجراءات وخطوات واضحة وخاصة ومُحدَّدة، وأذكر أنَّ أحد الباحثين قد قدم دراسة «رسالة ماجستير» حول الفكرة، التي تستحق إعادة النظر فيها ودراستها من كافة الزوايا والأنظمة وتطبيقها بالشكل الذي يحفظ حقوق جميع الأطراف قضائيًّا مع «مسلسل الأخطاء الطبية» الذي لا تنتهي أحداثه وفصوله داخل وخارج المملكة.
يوميًّا هناك أخطاء طبية مُحزنة، ولا يمكنني سرد وذكر الكثير من القصص المؤسفة، ولكن حتى نتصوَّر حجم المشكلة علينا اختيار أبسط وأسهل الأخطاء التي يمكن أن تقع، فمثلاً هذا الأسبوع وقعت حادثة «طريفة ومحزنة» في ذات الوقت بمستشفى بإحدى الدول الخليجية، عندما أجرى ثلاثة أطباء عملية جراحية لشاب في «أذنه اليسرى» بدلاً من «أذنه اليمنى» وهذه من أبسط وأوضح الأخطاء الطبية التي يمكن روايتها ولا تحتاج لتأويل أو تبرير أو تفسير، وهي ليست الحادثة الأولى من هذا النوع ولن تكون الأخيرة التي نسمع عنها في منطقتنا للأسف، ومن الأخطاء البسيطة التي يمكن أن تقع بسبب تجاهل وتساهل بعض الأطباء، بعدم مراجعة «تقارير الإحالة» أو «ملف المريض» قبل البدء في العملية كنوع من «البريستيج» وعدم إضاعة الوقت وأنَّه سيقوم بالأهم، وربما اعتمادهم على الطواقم الطبية المساعدة للقيام بمثل هذه الخطوات البسيطة التي من المُفترض أن يقوم بها الطبيب بنفسه، ويجب أن تعمَّم وتعتمد ويفهمها ويُطالب بها المريض قبل الطبيب، حتى لا يغرق في رحلة مُعاناة «تصحيح الخطأ ومُعاقبة المُتسبب» لأنَّ مثل هذه الأخطاء لا تغتفر برأيي، ولا أعتقد أنَّ المال أو الغرامة والعقوبة مرضية للمُتضرِّر مهما كانت -في حال أوقعت أصلاً- بسبب سلسلة طويلة من الإجراءات والتحقيقات، قبل مراحل التقاضي والتظلم في المحاكم غير المتخصصة.
مُنذ عدة سنوات ونحن نسمع بدراسة إنشاء مثل هذه المحاكم وضرورة ذلك، لذا أعتقد أن الانفتاح الكبير من وزارة العدل اليوم على المجتمع، وتسارع خطواتها التطويرية والتفاعلية لكل ما فيه خدمة المُتقاضين والحفاظ على حقوق جميع الأطراف، يجعلنا نتأمل البدء في تلك الخطوة بالتنسيق مع وزارة الصحة، لإنهاء تكدس القضايا والمُعاملات، والتسهيل على جميع الأطراف وفق «أنظمة القضاء» المرضية للجميع.
وعلى دروب الخير نلتقي.