ماجدة السويِّح
كيف يمكن للاتصال الثقافي العالمي تشكيل القيم والآراء حول حقوق المثليين، رغم تعارضها مع المعتقدات الدينية والقيم؟!!
لعل أوضح شاهد على قدرة الإعلام على تشكيل وإعادة توجيه الآراء والمعتقدات ما تفعله «نتفليكس» البالغ عدد مستخدميها بأكثر من 7 ملايين مشترك، حيث توجه جهودها لدعم المثليين، والتوعية بما يسمى بحقوقهم عالميًّا عبر المحتوى الذي تقدمه للجمهور، فغالبية المسلسلات والأفلام تقدم المثليين وتتطرق لحياتهم وحقوقهم المفترضة اجتماعيا وقانونيا بعيدا عن الدين والمعتقدات، فتشكيل الآراء والقيم عبر الحدود الوطنية وخارجها للتغيير، هدف تحارب من أجله لإظهار الأقليات المهمشة وغير المرئية سابقاً.
التغير الحاصل بسبب وسائل الإعلام لا يمكن إنكار خطورته، فمنذ عقدين بدأت وسائل الإعلام ببث متقطع في قوته وتركيزه لدعم المثليين بالرغم من تعارض الفكرة مع المعتقدات الدينية لغالبية الأميركيين سابقًا، النتيجة كانت فعالة في تغيير وتشكيل الرأي العام في قضية شائكة.
فقد كان للتلفزيون والدراما دوره الذي لا يستهان به، في عام 2008 تم إجراء مسح لأكثر من ألفي أمريكي ووجدوا أن اثنين من كل 10 منهم قد غيروا وجهات نظرهم في المثليين في الخمس السنوات السابقة بسبب الإعلام، قال البعض إن البرامج الإخبارية غيرت وجهات نظرهم، وقال 34 في المائة إن وجهات نظرهم تأثرت برؤية شخصيات مثلية الجنس على التلفزيون، وذكر آخرون 29 في المائة إنها كانت بسبب رؤية شخصية مثلية الجنس في الفيلم.
هندسة الرأي العام لم تعد تعتمد على وسائل الإعلام التقليدية في توجيه رسائلها للجمهور، بل أصبحت تعتمد على الشبكات الاجتماعية والتفاعل بين المجموعات، حيث تشير الأبحاث التي أجريت في الدول الديمقراطية إلى قدرة وسائل الإعلام، وكذلك الشبكات الاجتماعية إلى تغيير المواقف الاجتماعية تجاه زواج المثليين جنسياً، فالتواصل الاجتماعي بين المجموعات والتغطية الإعلامية الإيجابية، يلعبان دورًا هامًا في تعزيز ودعم الزواج من نفس الجنس.
أظهر بحث لثماني عشرة دولة في 2010 و2012 و2014 في أمريكا اللاتينية إلى أن استخدام الإنترنت لا يرتبط فقط بدعم أكبر للزواج من نفس الجنس، ولكن يتم تضخيم الآثار الإيجابية بين المستخدمين لزواج المثليين. هذه الدراسة تؤكد أن الإنترنت والشبكات الاجتماعية والتفاعل بين المستخدمين ساهم في التسامح الاجتماعي والسياسي لزواج المثليين.
في مجتمعنا العربي كم نسبة من تم إعادة تشكيل رأيه حول المثليين بسبب الإعلام وعولمة الحقوق؟! وكم من متمسك باعتقاده لم تؤثر عليه الشبكات الاجتماعية والأفلام والمسلسلات الموجهة؟!
أسئلة ملحة تراودني بعد رؤية حجم التغيير، وقوة التغيير العالمي العابر للحدود، لقضية كان محرمًا طرقها إعلاميًّا والنقاش حولها، إلى التباحث بشأنها، والدعم لسلوك المثليين عبر مجموعة من الحسابات بأسماء صريحة وأخرى مستعارة، أو بالدعم المصور باستخدام شعار المثليين العالمي.
الآن الأبحاث في تشكيل الرأي العام العالمي والتأثير تبرز أهميتها، لتسليط الضوء على حجم التأثير، وكيفية مواجهة الإعلام الموجه لدعم حقوق المثليين، الذي يتعارض مع معتقداتنا وقيمنا الإسلامية.