شريفة الشملان
في حديقتنا نمت شجرة جميلة وارفة، أعطت ظلالاً وجمالاً، كبرت بسرعة وطاولت نخلتنا.
على أوراقها عاشت يرقات، ملأت حديقتنا فراشات جميلات يتطايرن هنا وهناك، تفرح حفيدتي، هي تركض وهن يتطايرن مرفرفات بأجنحة جميلة ملونة يزدن الورود تورداً.
ما بين الشرنقة والفراشة لحظات اختيار قرار، إما الموت في الشرنقة وإما الموت بين الزهور.. وهكذا تتخذ اليرقات بسرعة قرارهن شق الشرنقة.
ويعود الحديث للكلام عن أهلية المرأة، وتأتي قصص ترقت قليلاً عن ((حدثني من أثق به))، إلى قصص (الخراف والراعي والذئاب).. العجيب ما زلنا بعقلية الخراف التي سيأكلها إما البشر أو الذئاب، ولم تسقط نظرية الخراف، رغم كل ما حصلت عليه المرأة من مكتسبات لبعض الحقوق مثل حقها بالتعليم والعمل وأخيراً حقها في القيادة.
سبحان الله هي الأفكار التي نظنها تكبر وتتثقف وترقى، تتوالد بطريقة غريبة.
الريبة والخوف على الشرف من منح الثقة للمرأة، فعدما بدأ التفكير في المدارس كل الخوف من تعليمها كان من أن تكتب خطابات غرامية، وكأن هذا الشغل الشاغل للنساء وهن المهمومات بالكثير الكثير الكثير. ودرست الفتيات بطريقة عجيبة، مدارس ذات بابين تقفل عليهن، وتفتيش صباحي على الشراريب وغطاء الوجه. وأمور لله در بناتنا كيف تخطين الحواجز وانتصرن في معركة التعليم.
وجاءت معركة العمل، وردت الأسطوانة تدور، أماكن العمل والاختلاط ثم على خجل تم التصريح.. رواتبهن من حق مَن؟
كل شيء يناقش غير حقها، ودارت العجلة، ولثلاثين عاماً احتلت الصفوف الأولى من ترضى عنهن الصحوة، وأغلبهن بناتها. كان ذلك في التعليم ووظائفه، والتي لها مواصفات خاصة.
وظائف الجهات الأخرى كانت أكثر مروة خاصة في وزارة الصحة، ومن ثم تلتها الشئون الاجتماعية والعمل وزارات أخرى وهكذا.
جاءت موافقة المملكة على معاهدة اتفاقية القضاء على أشكال التميز ضد المرأة (السيداو) التي تم التصديق عليها عام 1981 مع تحفظ بعض الدول عليها، والبعض وافق ولم يطبق.
وقعت عليها السعودية عام 2000 وتحفظت على نقطتين:
منح أطفال الجنسية السعودية لمن ولد لأمهات سعوديات وآباء غير سعوديين.
الثانية: إحالة النزاع بين الدول بخصوص تطبيق الاتفاقية على محكمة العدل الدولية.
كما تحفظت المملكة على نقطة في اتفاقية (إنهاء التميز وحماية المرأة ضد العنف) وهي غير السيداو. على المثلية والصديق الحميم.
ولتحفظ المملكة على ذلك لأسباب دينية ووطنية واجتماعية. فنحن رغم أن مجتمعنا كان -تقريباً- مغلقاً، إلا أن مسألة المثلية لم تكن متفشية في مجتمعنا إلا ما ندر. والعقوبات صارمة ولنا أسبابنا فهي محرمة في شريعتنا الإسلامية.
وقد صور الله الإنسان وأحسن تصويره، وضع لكل عضو وظيفته وكل عضو لا يعوض عمله آخر سبحان الله. لو أغلقنا عينينا لم استطعنا النظر في أذنينا (ولو قال بشار بن برد العين كالأذن تؤتي القلب ما كانا). وبالتالي فالتناسل والتكاثر لا يمكن أن يكون إلا من مكانه الطبيعي ومن ثم المثلية لن تنتج أجيالاً. قد يكون عددهم الآن قليلاً، لن يظهر، لكن حتماً لو كثروا لن يتم استقبال حالات ولادة بالشكل الذي يحفظ للأمم ثروتها البشرية.
ولكيلا يختلط الأمر بين حق للنساء وبين ما يراه البعض من كبت حركة المرأة وبين إبقائها داخل الشرنقة. فعندما يحدد الله -عزّ وجلّ- في قرآنه الكريم حقاً لا يمكن لأحد سلبه (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف). وكما لكل عضو وظيفته، فلا المرأة ولا الرجل يستغني المجتمع والوطن عن وظيفتهما معاً.
ونتيجة لذلك فإن العمل حق لكل مواطن، والهوية الوطنية حق لكل مواطن والعلم والتطبيب، وبالتالي يحق لها العلم والتعلم والترفيه حقها مثل حق أي مواطن كامل راشد.
التشكيك دائماً ملازم للمرأة والأخذ بأخطاء بعض النساء المراهقات يعمم على الكل، وقرآننا الكريم يقول (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وهناك قانون ونظام يحمي الكل ويجرم من يستحق العقاب.
والآن كيف تملك اليرقة حقها في شق الشرنقة من عدمه، تلك الحشرة الصغيرة ونحن النساء رغم كل تقدمنا لا نملك ذلك، والمشكلة أن بعض النساء يحاولن التشكيك في قدرات المرأة شابة وكهلة وعجوزا. وكأنهن يشككن في أنفسهن وفيما تربين عليه من أخلاق وعفة وما يربين بناتهن عليه.
والحديث يطول، واللهم اجعله خفيفاً وبارداً.