فوزية الشهري
مؤلم رحيل الأحبة، ومؤلم أكثر عندما يتملكنا اليقين أن الراحل لن يعود، وأشد أنواع الألم، بل هو بمنزلة موت الروح ودفن السعادة، عندما يكون الراحل هو والدك.
كانت الساعة الخامسة من يوم السبت، ذاك اليوم لم يكن مختلفًا كثيرًا عن بقية الأيام بروتينه الصيفي، لكن نغمة جوال واتصالاً يتلوه اتصال جعله يومًا لن يمحى من ذاكرتي، إنه يوم رحيل أبي -رحمه الله رحمة الأبرار-.
لقد منّ الله عليّ بصحبته وزيارته بآخر ليلة أمضاها حيًّا بيننا، وهذا من نعم الله عليّ.
كانت كل المؤشرات الطبية تنذرنا بخطر حالته، لكن قلوبنا لم تكن تريد تمرير فكرة أنه سيفارقنا.
وحانت لحظة الوداع التي وقفنا فيها عاجزين عن أن نمنع رحيله، ولم نستطع تمديد يوم واحد ليبقى, حتى لثوانٍ كان ذلك الأمر مستحيلاً. إنها الأقدار التي لا يمكننا صرفها، لكن من كمال العقل والإيمان أن نسلم لها.
أعترف بأنها لن تسعفني الحروف ولا اللغات لوصف حزني عليه، ولكن لا نقول إلا ما يُرضي ربنا له الحمد من قبل ومن بعد، وجمعنا الله به في مستقر رحمته.
أبي ذلك الرجل العظيم كان لي مدرسة في حياته وبعد مماته، عرفت عند موته ماذا يعني حسن الخلق؟ وكيف يخلد ذكر من يجعل همه النفع للناس حتى ولو غاب.
كم أحسست بالفخر عند سماعي ما يقال عنه، والقصص التي تروى عن مواقفه وحسن خلقه وتواضعه، وكثير منها لم تكن معروفه لنا؛ فقد كان شديد الحرص على أن يعمل لله، ولنفع الناس. لم يهتم كثيرًا بذكرها أو معرفة أحد لها.
رحم الله فقيدي الغالي الذي رحل وبقي ذكره عطرًا هنا.
الزبدة:
ربي آنس قبورًا فاض بنا الشوق لساكنيها.