د.عبدالعزيز العمر
في البداية سأتجاوز الحديث المكرور عن المعلم وأثره التنموي العظيم في تقدُّم ونمو وتطور أي أمة؛ فهذا أمر أصبح اليوم من البديهيات والمسلَّمات التي لم تعد تحتاج إلى بحث وتأكيد. يكفي فقط أن نشير هنا إلى أن الرئيس الأمريكي وصفهم ذات يوم بأنهم بناة أمة (Nation Builders)، وأن الرئيسَين السنغافوري والكوري أدانا في خطابين لهما بالفضل الكبير للمعلم في تطور وتقدم بلدَيهما. في ضوء هذا التصور نسأل: ماذا يتوقع منا المعلم؟ وماذا نتوقع منه؟ من واقع رصد تاريخي قد يتضح أن المعلم يتوقع من السلطة التعليمية زيادة دخلة وتقليل أعبائه المهنية. لو نظرنا إلى دخل المعلم لدى الدول المتقدمة لوجدنا أنه يتراوح بين أربعين ألف دولار تقريبًا (المعلم المبتدئ في أمريكا) وخمسة سبعين ألف دولار (لكسمبورج). وإذا أخذنا بمتوسط دخل المعلم فلا يبدو أن الفرق كبير بين دخل المعلم الأمريكي (مثلاً) والمعلم السعودي، وخصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار فارق المستوى المعيشي الاقتصادي ونظام الضرائب بين البلدين (في أوروبا اشتريت كيسًا بلاستيكيًّا للخبز بقيمة الخبز نفسها تقريبًا في السعودية).
أما بالنسبة لحجم المسؤوليات والأعباء المهنية التي يتحملها المعلم السعودي مقابل نظيره الدولي فلا مجال للمقارنة على الإطلاق (24 ساعة محلية مقابل 40 ساعة دولية). قد يبدو للقارئ أني أقف ضد منح المعلم امتيازات إضافية. أنا أستاذ جامعي؛ وأؤيد تمامًا أن يكون دخل المعلم منافسًا لدخل الأستاذ الجامعي، شريطة التشديد على مساءلته ومحاسبته وفق أرقى المعايير المهنية (ولا يهون الأستاذ الجامعي).