د.ثريا العريض
في مؤتمر غرب آسيا في نيو ديلهي بأبريل 2016 ذكر كثير من الباحثين المتحدثين «الصهيونية» وتأسيس إسرائيل كأول مسبب لقلقلة المنطقة الشرق أوسطية والغضب العربي, وكذلك ربطوا أحداث الربيع العربي باستبداد الأنظمة وغليان الشعوب, وأنها ثورات للتصحيح الاجتماعي اختطفتها التنظيمات المسيسة متدثرة بغطاء ديني ثم تحولت إلى تنافس تناحري بين الأذرع المختلفة ضرب الاقتصاد وشل مشاريع التنمية.
تكلمت في ورقتي عن جهود المملكة العربية السعودية في محاربة الإرهاب, وتجفيف مصادر دعمه, وتمسكها بالحفاظ على وحدتها وحماية حدودها، وجدية التصدي لأي محاولة من إيران أو أي جهة أخرى للتدخل في الشؤون الداخلية وتأجيج الصراعات الفئوية، كما تطرقت إلى الأسس التي وضعها الملوك الأسبق منذ عهد المؤسس عبد العزيز -رحمهم الله- لإحلال الوسطية والاعتدال بدل الغلو كمنهج للتعامل، وإلى المستجدات في عهد الملك سلمان -حفظه الله-, تنظيميا واقتصاديا, ومشروع برنامج التحول الوطني لتجاوز الأزمة الاقتصادية واستدامة التنمية. وأشرت وقتها إلى المشاريع القادمة وإستراتيجية تنويع مصادر الدخل ومنها الاستثمار والتعدين والتصنيع, بالإضافة إلى الخصخصة وترشيد الإنفاق ورفع الدعم عن ذوي الدخل العالي, ومحاربة الفساد الإداري والهدر, بعيدا عن استمرارية دور الدولة الريعية المعتمدة على النفط فقط, ورغبتها في بناء اقتصادها على قواعد ثابتة قابلة للنمو المستقبلي. وركزت على أن وجود نشاط سلبي متصاعد في المنطقة لمنظمات مؤدلجة, ودول تتدخل في شؤون الآخرين, هو في النهاية سعي للهيمنة السياسية والاقتصادية, لا يهدد فقط استقرار الدول التي تنشط فيها هذه المنظمات, بل يهدد استقرار العالم كله حتى في الجوار البعيد؛ فقد تسارع المنضمون للمنظمة الإرهابية «داعش» المشبوهة والمجهولة الجهة المؤسسة والداعمة و الممولة يؤسسون خلايا تخطط وتضرب إقليميا, وفي أوروبا غربا, وفي آسيا شرقا. هم في النهاية قطيع دُرّب على التوحش. قطيع من ساديين يحطمون أمن المنطقة وحدودها لتتحقق نتائج عدة أهمها تشويه صورة المسلمين، ولفت الأنظار بعيداً عن إرهاب إسرائيل للفلسطينيين. وهم يتولون إنهاء قوتهم العسكرية بالتناحر حتى الفناء والتفتيت إلى قطع لا قوة لها حيث تم التصدع في مناطق الضعف في تكوينها الأصلي ومكوناتها الإثنية والمذهبية والدينية.
في المؤتمر عبر الجميع عن أملهم وتفاؤلهم بأن الأوضاع ستتحسن وأن التعاون مطلوب, عدا الباحث الإسرائيلي الذي تنبأ بأن الأمور ستكون أسوأ ولعل ذلك كان شعوراً رغبوياً مستداما كما نرى على أرض الواقع. وأعرب الآسيويون وبالذات الصينيون والكوريون عن اهتمامهم بالتواصل مع المنطقة لإعادة البناء, ومع دول مجلس التعاون الخليجي بالذات, برغبة التعاون في كل المساعي التنموية بصورة أشمل تفتح مجالات مستقبلية واعدة في الصناعة والأبحاث والتبادل التجاري.
نقول: كلٌ يرى ما يتمنى أن يحدث ونحن في الخليج نرانا المصلحة العامة, ونمد يدنا مصافحين وداعين للسلام والتعاون للبناء إقليمياً وعالمياً. ولكن ذلك لا يعني التفريط في أمننا وسيادية القرار على الأمور الخاصة.
ما زالت الإسلاموفوبيا ظاهرة غير منعزلة عن السياسات الرسمية.
وما زلنا ننادي بأن مثاليات الإسلام هي التسامح وتقبل الآخر والتعايش ونرفض مرئيات المغالين كـ»داعش», وأي مجموعة أو دولة تلبس أقنعة العقائدية والمثالية لتنشر الدمار والموت وتستولي على الأرض والنفوذ.