علي الصحن
في مثل هذا الوقت من كل موسم، كانت الأندية السعودية تجد في عقد الصفقات المحلية، وكانت المنافسة على أوجها للظفر بعقد هذا اللاعب أو ذاك، كان بعض اللاعبين السعوديين يفوز بعقود فلكية لا تصدق، لكنها كانت تحدث بالفعل، حتى ما يتعلق بتجديد عقود اللاعبين كان أمراً صعباً، حيث كان اللاعب يضع ناديه بين مطرقة شروطه، وسندان عروض الأندية المنافسة، فيتم التجديد معه ولو من غير قناعة فنية.
اليوم توالي الأندية تحضيراتها للموسم الجديد، ولم نسمع عن صفقة عليها القيمة، بل ربما كان اغلب اللاعبين المسجلين ممن استغنت عنهم أنديتهم لأسباب فنية في الغالب.
السؤال اليوم : أين تلك الصفقات، ولماذا ما عادت تهز الشارع الرياضي وتحرك جموده كما كان يحدث في سنوات مضت، لماذا أحجمت الأندية عن إبرام مثل تلك الصفقات، رغم حاجتها الفنية، وشغور عدد من المراكز في صفوفها.
ربما قال قائل إن السبب يعود لأمور مالية، وذاك مبرر معقول، لولا أن الأندية تدفع مبالغ هائلة للاعبين الأجانب حتى لو لم يكونوا من لاعبي الصف الأول.
الحقيقة أن الكرة السعودية تعاني من شح المواهب، وندرة النجوم، لذا لم يوجد اللاعب الذي يشد الأندية ويجعلها تحرص عليها، والحقيقة أيضاً أن اتحاد الكرة يجب أن يتنبه لهذه المشكلة، وأن يضع الحلول الكفيلة بمعالجتها، كما أن الأندية يجب أن تعي دورها في هذا الجانب وأن تتصدى له بما يمكن من الحلول، قبل أن تواصل المواهب الغياب وتدفع الكرة السعودية الثمن.
مشكلة بعض الأندية أنها لم تلق للفئات السنية القدر الكافي ولا الحد الأدنى من الاهتمام، ولم تول أمر اكتشاف المواهب الشابة العناية الكافية، بعد أن منحها نظام الاحتراف حلولاً أخرى، غير أنها في النهاية حلول مؤقتة ومكلفة.
في نادٍ مثل الهلال كان مضرب المثل في تقديم المواهب، أين هي مواهبه الجديدة في السنوات الأخيرة، وهل قدمت فئاته السنية أسماء يمكن مقارنتها بالرعيل الأول من النجوم الذين قدمتهم مدرسته الكروية الشهيرة، ولماذا يلعب اللاعب في الفئات السنية عدة سنوات ثم ينتقل لأحد أندية الوسط، فيما يبحث الهلال عن المواهب خارج النادي...!!
كتبت هنا في فبراير 2018 (الفئات السنية في الهلال تحقق الإنجازات على مستوى منافستها، لكن مخرجاتها ليست بالمستوى المطلوب، من هو آخر لاعب قدمته هذه الفئات للفريق في كافة المراكز، ولماذا ظلت طوال السنوات الماضية عاجزة عن تقديم لاعب يعول عليه، ولاسيما في مركزي قلب الدفاع ورأس الحربة، حتى ظلت الحلول محصورة في استقطابات محلية وخارجية، لم يقدم بعضها المردود المنتظر، ولم يصب النجاح الوافر مع الفريق).
واليوم أقول: اتحاد الكرة مطالب بالفعل بالجلوس مع الأندية، ووضع حد لشح المواهب ودراسة الحلول المتاحة.
هذه الحلول يجب أن تبدأ من الأجهزة الإدارية والفنية الخاصة بالفئات السنية .. بعيداً عن الحلول النظرية التي توضع منذ سنوات على الورق فقط ولا تطبق في الملعب.
من أجل حاضر الكرة السعودية ومن أجل مستقبلها لابد من إعادة الاهتمام بالفئات السنية، ومنحها ما تحتاج من الدعم والعناية، قبل أن تنضب المواهب وتدفع منتخباتنا الثمن، وهو الأمر الذي شاهدناه بالفعل في كأس أمم آسيا ومونديال الشباب.