خالد الربيعان
إذا كان عدد دول العالم 195 دولة فالرياضة الإنجليزية هي الدولة الـ196، وإذا اختلفت الإجابات عن هذا السؤال الشائك، وهو: كم عدد دول العالم؟.. فلا يهم؛ دائمًا قم بزيادتها واحدة: هي الرياضة الإنجليزية، النموذج شبه الكامل لمن يريد تطبيق فكر الاقتصاد والاستثمار والتسويق الرياضي!
دوري المحترفين فقط هناك الذي نعرفه بالبريمرليج قيمة بثه الفضائي فقط أكثر من 8 مليارات دولار! دولة الرياضة الإنجليزية خلقت فرص عمل تساوي 26 % من إجمالي وظائف القطاع الرياضي في دول قارة أوروبا: 417 ألف وظيفة في بريطانيا وحدها! أما عن الوظائف في القطاع التدريبي والفني والاستشاري في بريطانيا فقط فعددها 63 ألفًا و800 وظيفة ما بين مدرب ومحاضر وحكم.. أرقام عجيبة!
هذا الدوري الإنجليزي نفسه، وهو بطولة واحدة من بطولات رياضة واحدة، هي كرة القدم، أسهم بـ3.4 مليار جنيه إسترليني في الاقتصاد البريطاني، أما قيمة الاقتصاد الرياضي في إنجلترا كلها شاملاً كل الرياضات فيساوي أكثر من 20 مليار باوند، أي 25 مليار دولار، 95 مليار ريال. وهو أكثر من إجمالي الناتج المحلي لعشرات الدول بطول وعرض كوكب الأرض!
أما عن التسويق في الرياضة الإنجليزية فالكلام عنه يملأ مئات المقالات. منذ العام 1990 والعمل هناك على قدم وساق.. حرفيًّا يستنفذون كل جهد ممكن، كل فكرة ممكنة مهما كان مصدرها، كل طاقة للإبداع، في كل مجال، البنية التحتية والملاعب الخضراء العشبية المبهرة بجمالها، والتصوير وزوايا الإخراج التلفازي، اللاعب نفسه وطريقة اللعب والتشديد على إخراج كل الطاقة والجهد مع الالتزام بالقوانين والروح الرياضية.. حتى الاستوديو التحليلي والضيوف المهمون من نجوم ورموز كبيرة، تضمن التزام المشاهد بمقعده في منزله، لا يغادره إلا خطفًا ثم يعود!
كل هذا كانت نتيجته أن الرياضة الإنجليزية، خاصة كرة القدم، أصبحت سوقًا مهمة جدًّا للاستثمار والتسويق الرياضي، والدليل بالوقائع! ففي 2003 كانت أول حالة تملك واستثمار أجنبي.. اشترى الروسي إبراموفيتش نادي تشيلسي، وفي 2005 تملكت عائلة جليزر الأمريكية نادي مانشستر يونايتد، وفي 2008 الشيخ منصور بن زايد اشترى مانشستر سيتي، وفي 2010 اشترى التايلاندي فيتشاي نادي ليستر سيتي!
في السنة نفسها اشترى الأمريكي جون هنري نادي ليفربول، وفي 2012 قام الأب الروحي - كما كتبنا عنه من قبل - الإيطالي جيمباولو بوزو بتملك نادي واتفورد، وفي 2013 تملك الأمير عبد الله بن مساعد نصف نادي شيفيلد، وفي 2015 اشترت مجموعة أبوللو الأمريكية نادي كريستال بالاس! وفي 2016 اشترت مجموعة «فوسن» الصينية نادي ولفرهامبتون. لم ننتهِ بعد؛ شقيقتها مجموعة «لاندر» استحوذت على نادي ساوثهامبتون!
وفي 2018 اشترى المصري نصيف ساويرس نصف نادي أستون فيلا، في السنة نفسها الأمريكي ستان كرونيكي تملك أكثر من ثلث نادي أرسنال، وفي هذا العام 2019 تملك الروسي ماكسيم دينم ربع نادي بورنموث، والإيراني فرهاد موشيري في نادي إيفرتون.
14 ناديًا.. باستثمار وتملك أجنبي، جذب لرؤوس الأموال، وضمان للربحية.. يمكنك أن تقارن هذا بمشاريع تنموية دولية بلا أدنى تردد، والعملية هذه تسير بنجاح.. منذ عام 2003 سنة شراء إبراموفيتش تشيلسي، أي منذ 16 سنة! نجاح تضمنه بنية قانونية شديدة الصرامة، تحمي حقوق جميع الأطراف.. وبنية إدارية محترفة، وبنية تحتية على مستوى عالمي..
أخيرًا.. هل تعلم ماذا ينقص البريمرليج؟.. الإجابة لا شيء.. ربما ينقصه أن تكون هناك تجربة واعدة شبيهة له!
خطة ومنهج!
هذا النموذج القوي للغاية من نماذج الاقتصادات الرياضية ليس ببعيد على أحد لتقليده ومحاكاته؛ لأن من قاموا به من البداية ليسوا من كوكب آخر، بل هم مثلنا.. لا يزيدون على أحدنا عقلاً ثانيًا أو عينًا ثالثة.. أو طرفًا خامسًا..كانت البداية الإنجليزية في مطلع التسعينيات بكتاب لوائح وقوانين استراتيجي، أطلقوا عليه «ميثاق الدوري الإنجليزي».. إذن، البداية خطة ومنهج.. ثم يتبقى السير عليه وتنفيذه.. بكل دقة!