فهد بن جليد
أقترح أن يتم إلزام المصارف والجهات التمويلية بدفع رسوم وأتعاب مُحدَّدة «نسبية» للدولة مُقابل عمليات التحصيل وإجراءات التقاضي والسداد للمُتعثرين، لاحظ أنَّ أرباح هذه البنوك والمصارف وجهات التمويل مضمونة في نهاية المطاف، ولا تتأثر ولا تنقص عادة بسبب طول تلك الإجراءات التي لها كلفة مالية أثناء عمليات التقاضي والإيقاف ونحوه، فمثل هذا الاقتراح سيجعل جهات التمويل تراجع نفسها كثيراً قبل التورط مع أشخاص سيكبدونها خسائر مالية عند تعثرهم وتخلفهم عن السداد، وقد يفتح مجال لمزيد من التفاهم وإعادة جدولة الديون وعلاج المشكلات المالية بين العميل والبنك دون اللجوء لإشغال المحاكم والقضاء.
ربما ساعدت مثل هذه الفكرة أكثر في قيام البنوك والجهات التمويلية بدورها التوعوي المرتقب، لتبصير الناس بضرورة الادخار وكيفية الاستفادة من القروض واستثمارها بالشكل الصحيح بعيداً عن النهم الاستهلاكي المخيف، لأنَّ البنوك والمصارف باختصار ستصبح شريكة في تحمل تبعات تعثر المُقترضين، وقد تتأثر أرباحها لتتحرك بالطرق التوعوية الصحيحة، بعض البنوك وجهات التمويل الأخرى بدأت مؤخراً التحرك على استحياء لتوعية العملاء بضرورة الادخار، ووضع خطط وبرامج لهذا الغرض، إضافة للتوعية بطرائق مُعالجة الأزمات المالية دون اللجوء للقروض إذا لم يكن العميل مستعداً للسداد وقادر على ذلك، وأتمنى أن تكون مثل هذه البرامج والخطوات جادة مهما تعارضت مع مصالح هذه المصارف والجهات التمويلية حالياً.
عندما نلجأ إلى الاقتراض فالهدف حل مشكله مالية ما، أو تغطية نفقات طارئة، ولكن واقع كثير من المُقترضين من حولنا مُختلف تماماً، حتى أصبح الانتهاء من تسديد قرض مُبرِّراً لعرض البنك عليك مباشرة طلب قرض جديد دون حاجة أو حتى إعادة جدولة القرض للاستفادة من تمويل أكبر، لتتحول هذه القروض إلى ما يشبه كرة الثلج التي تتدحرج مع الوقت لتكبر ولا تتوقف بسبب الاختيار الخاطئ للقروض في الأصل دون حاجة فعلية وحقيقية، ثم نتيجة الإدارة الخاطئة لهذه القروض، وعدم الاستفادة منها، المُتصالحون والمُستقرون بيننا اليوم هم أولئك الذين يُحافظون على سداد الأقساط ودفعات القروض في وقتها دون تأخير أو تأثير على حياتهم المالية، ولكنهم في الحقيقة خسروا مصدر دخل أو نسبة منه دون حاجة، أهل السودان لديهم حكمة معناها عميق جداً تقول «الخالي من الدين غني» أي أنَّ من لا دين عليه يشعر بما يشعر به الغني تماماً، لذا أتوقع أنَّ إشراك البنوك وتحملها جزء من الآثار سيُصحح المسار.
وعلى دروب الخير نلتقي.