محمد آل الشيخ
قرار سلطات دويلة قطر (بتخفيض) أسعار الخمور والدخان تبريرا - كما يزعمون - لتشجيع الجماهير حضور كأس العالم في الدويلة إياها، يفضح أول ما يفضح أولئك الصحويين المنافقين، الذين كانوا لا يملون من السفر إلى الدوحة، على اعتبار أنها تنصر الإسلام وأنها كعبة المضيوم كما يصفونها في أدبياتهم، وأنها تناصر عباد الله الصالحين، غير أن نصرة الإسلام التي يدّعون، وعليها يزايدون، أصبحت نصرة لكبيرة من الكبائر، وهي شرب (الخمر) والاتجار بها على رؤوس الأشهاد، ولن أحتاج أن أقسم أن شيخهم ومرجعهم الديني البالغ من العمر عتيا «يوسف القرضاوي» الإخونجي والإرهابي المعروف، لو طلبوا منه إباحة بيع الخمر وشربها، لأفتى بذلك، غير مكترث بحرمتها في الإسلام، فالرجل سبق له أن أفتى غير مكترث بالقرآن (بقتل النفس) للمسلم إذا أمرته جماعته بذلك، خلافا لقوله جل شأنه {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}؛ ومازلت أتذكر ذلك الصحوي السعودي، ذو اللحية البيضاء الكثيفة والطويلة، وهو يستلم الشنطة السوداء الشهيرة، ويقوم القطريون بتصويره لابتزازه إن هو لم ينفذ ما طلبوا تنفيذه، ومثل هؤلاء الأفاكين المنافقين كثير.
تبني هذه الدولة لمثل أولئك كان هدفه هدفاً استغلالياً، لأنهم يعرفون أن هؤلاء يمثلون الشرع، والناس معروفون في بلادنا بتقدير واحترام وإجلال طلبة العلم، فاتخذوا من هؤلاء الأفاكين سبيلا لإثارة الشغب على ولاة أمره، وقد اعترف بذلك أمير قطر السابق حمد بن خليفة في شريط تسرب لحديثه مع القذافي، وكذلك الشيخ عايض القرني في توبته الشهيرة، ومثل هذه الممارسات الدنيئة والقذرة لا يأباها الدين فحسب، وإنما تأباها مكارم أخلاق العرب، الذي جاء الدين الحنيف ليتممها، إضافة إلى المروءة والشهامة العربية، التي تعتبر خيانة الجار والإساءة إليه من أخس وأنذل ما يمارسه العربي.
الآن، بعد أن حثوا على بيع الخمر، وسهلوا سبل شرائها، أريد واحدا من (سروريينا) وليس الأخونجية أن يحدثني عن مثل هذه الطوام وأحكامها في الشرع الحنيف، ويقول لي هل من يعتبر قطر (كعبة المضيوم) كما يقولون صفة تليق بها، وبسمح بها الإسلام؟ .. ثم هل إباحة الغناء والمعازف التي أشغلونا بإنكارها، وهي قضية خلافية بين المذاهب وليست قطعية التحريم، ترتقي لإباحة بيع وشراء الخمور التي تمارسها تلك الدويلة الصغيرة الحقيرة؟..أتحدى واحدا منهم أن يقول بذلك، حتى أعتى عُتاتهم في النفاق والرياء والتدليس، فالقطريون -ولله الحمد والمنة- قد كشفوهم ووضعوهم في (جحر) لم يستطعوا أن يخرجوا منه، وقد كشفوا نفاقهم أمام الملأ، بالشكل الذي جعل شقهم يستعصي على الراقع مهما بلغ به النفاق والرياء.
وفي تقديري أن العلاقات ستعود بيننا وبين تلك الدويلة إلى مجرياتها بعد هلاك حمد بن خليفة، فكما يؤكد الجميع بمن فيهم القطريون أنفسهم، بأن حمد هو رأس الفتنة، وهامة الأفعى الذي حول القطريين إلى قطيع من الخراف والنعاج، يطعمها، لكنه هو من وضعهم في هذه العزلة القاتلة، فهل إذا عادت العلاقات، وفتحت الحدود بيننا وبين الدويلة ستعود حليمة إلى عادتها القديمة، أم سيتعلمون من تجربتهم؟..
قطر أظهرت للعالمين (سوأة) جماعة الأخوان ومن أنجبته هذه الجماعة من حركات مسيسة متأسلمة، وأصبحت حركتهم أمام أغلبية الجماهير العربية حركة مَعيبة من أي جانب أو زاوية رأيتها، ولعل هذا من إيجابيات نظام الحمدين إن كان لهذا التنظيم إيجابيات.
إلى اللقاء