سلمان بن محمد العُمري
لا أحدّثكم عمّا تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي من صور ومقاطع فيديو لرجال الأمن وهم يتفانون في خدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والزوار في مكة المكرمة والمدينة المنورة، فهذه المقاطع وإن كانت حديثة فهي خصلة حميدة توارثها أبناء هذا البلد المبارك قيادةً وشعباً، وتسابق إليها المدنيون والعسكريون، وأحدثكم عن مشاهدة ومعاينة من خلال مشاركتي -ولله الحمد- في خدمة ضيوف الرحمن لما يزيد على عشرين عاماً متتالية ومتوالية بفضل من الله -عز وجل-، ونلت فيها العديد من الأنواط والأوسمة، وشهادات الشكر والتقدير، والدعاء، وما عند الله خيرٌ وأبقى.
لقد شاهدت بأمّ عيني وفي مواقف متعدّدة الضبّاط والأفراد كما هم موظفو القطاعات الحكومية الأخرى والأهالي وهم لا يدخرون جهداً في مساعدة الحجّاج والمعتمرين في بيت الله الحرام، وفي المشاعر المقدّسة، وفي المدينة المنورة، وفي كل مكان يفد قدوم الحاج وحتى يستقل الطائرة أو الباخرة أو السيارة التي ستقله إلى أهله، ولكن ميزة التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة أنها وثقت المشاهد الإنسانية لأبناء هذا البلد ونقلتها للعالم وبيّنت ما يقدّم للحجاج والمعتمرين.
الحاقدون وأصحاب النفوس المريضة لا يتقبّلون هذه الصورة المشرّفة، ويحاولون طمسها وتشويشها بالأخبار المكذوبة والملفّقة، ويطيرون بكل خبرٍ كاذب، وحين تتجلّى الحقائق بالأعمال الجليلة لا يتوارون عن الأنظار فحسب بل يحاولون الانتقاص منها، ولو كانت هذه المشاهد الجميلة والأعمال الإنسانية النبيلة في الخارج لرأينا التّمجيد والتّعظيم لها ولأصحابها.
ولقد عايشت أحداثاً ومواقف في مواسم الحج تستحق الذّكر والتّخليد، والإشادة برجال الأمن ومن يقومون على خدمات الحج فيها أبرز مثال للتضحية والإيثار وإنكار الذات وأسمى آيات الإنسانية، وكل هذه الأعمال البطولية والإنسانية الخالدة تنطلق لدى أبناء بلادنا المباركة من منطلق ديني ووطني وإنساني وما شاهدته وشاهده كل من تيسّر له الحج والعمرة من المسلمين من مواقف تؤكّد هذا التّميّز الديني والوطني والإنساني الذي لا نكاد نراه إلا في هذه الأماكن.
إنّ إعلامنا وشبابنا ومثقّفينا ومشاهير وسائل التواصل الاجتماعي جميعاً عليهم مسؤولية في نقل هذه المشاهد الطّيّبة للعالم وترجمتها بلغات متعدّدة لا للمراءات والرياء بل هو حق لازم، ولا سيّما في مثل هذه الأوقات التي يكثر فيها الكذب والافتراءات على بلادنا، والانتقاص من جهودها الجبارة في العناية بالحرمين الشريفين وقاصديهما، وكم رأينا العالم كلّه يمجّد ويتناقل صوراً ومقاطعاً لمواقف إنسانية لا تكاد توازي ما يقوم به أبناء الوطن تجاه ضيوف الرحمن، خاصةً كبار السّن فمنهم من حملهم على ظهورهم لمسافات طويلة، ومنهم من حمل أمتعتهم، ومنهم من سار معه حافي القدمين وقدّم لهم حذاءه، ومنهم من تطوّع بتأمين المأكل والمشرب لهم وغير ذلك من الصور والمواقف التي لا يمكن حصرها.
كنت أتحدّث مع أحد الضباط المتقاعدين، وقد تشاركنا جميعاً في أحد المواسم في خدمة الحجاج وإذا به يحدّثني وفي حلقه غصّة مبكية وهو يقول كم كنت أتمنّى لو أنّي ما زلت أخدم حجاج بيت الله الحرام ولو في سقيا الحجيج.
وفي الختام.. أتمنى أن يتم دراسة فتح باب التطوّع للمدنيّين والعسكريّين في خدمة الحجاج، وخاصةّ لرجال الأمن الذين سبق لهم خدمة ضيوف الرحمن.