د. أحمد الفراج
نواصل الحديث عن تقييم المؤرِّخين لرؤساء أمريكا، سواءً الأفضل أو الأسوأ، ويحسن أن نشير هنا إلى أن تقييم الرؤساء يكون عبر طريقتين، إحداهما رأي المؤرِّخين، وهذه هي الأهم والأكثر مصداقية، لأنها تُبنى على معايير علمية رصينة وصارمة، إذ إن هؤلاء المؤرِّخين من الباحثين الأكاديميين، الذين يتابعون كل شاردة وواردة عن شخصية الرئيس وسياساته الداخلية والخارجية، وأثر ذلك على أمريكا وعلى العالم، كما يُركِّزون على التوافق والتضادّ بين الزعماء المختلفين في ظروف متشابهة، وكيف تصرَّف هذا الزعيم أو ذاك، فهناك رؤساء غيَّروا مسار التاريخ، من خلال سياساتهم الحكيمة والشجاعة، التي لو لم يتخذوها لربما حصل ما لا تحمد عقباه، ولا ينافس أي زعيم أمريكي -من وجهة نظري- الرئيس ابراهام لينكولن بهذا الخصوص، فالرئيس لينكولن يعتبر صاحب الفضل عالمياً في إلغاء الرق واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان.المعيار الثاني لتقييم رؤساء أمريكا هو التصويت الشعبي، ورغم أهميته، إذ إن رضا الشعب من عدمه، يعتبر جزءاً كبيراً من الحكم إيجاباً أو سلباً على أي زعيم، إلا أنه لا يمكن أن يقارن بآراء المؤرِّخين، فالتصويت الشعبي لا يخضع لمعايير علمية محدَّدة، بل هو انطباعات شخصية، وبالتالي تلعب العاطفة دوراً كبيراً في نتائجه، فهناك من سيصوِّت لرئيس ما على أنه زعيم عظيم، بسبب الأيدولوجيا، أي أن يكون المُصوِّت محافظاً والرئيس كذلك، أو أن يكون المُصوِّت يسارياً والرئيس كذلك، وهناك من سيصوِّت إيجابياً لرئيس، لا بسبب سياسات الرئيس، وهذا هو المحك الحقيقي، بل بسبب جاذبيته أو مقدرته الخطابية، ويجب التذكير بأن جزءاً من الشعب الأمريكي جمهوريون، سيصوتون -عدا عن حالات نادرة- للمرشح الجمهوري أياً كانت هويته، وجزء آخر ديمقراطيون، سيفعلون ذات الشيء، أما الجزء المهم فهم المحايدون، أو من يطلق عليهم «المُتردِّدون»، وهؤلاء هم من يحسم هوية الرئيس الأمريكي، والخلاصة هي أن تقييم الرؤساء يتم عبر طريقتين، المؤرِّخين والتصويت الشعبي العام، وسيتواصل الحديث.