رقية سليمان الهويريني
يقضي أبناؤنا ما يزيد على أربعة أشهر في إجازات متفرقة خلال العام. وتستحوذ العطلة الصيفية على النصيب الأوفر؛ فيستغلها البعض في السفر أيامًا عدة، ولكنهم يعودون ليواجهوا الفراغ والملل والضجر!
والفراغ متعب للشباب، ومقلق للأسر.. وينبغي أن يقلق له الجميع؛ لأنه ينتج سلوكيات سلبية خاطئة؛ لذا يلزم التفكير جديًّا بحل أزمة الصيف السنوية التي تواجهها الأسر، فيفكر بها البعض ويتناساها البعض الآخر، فيما يفرح بها السادرون بحجة أنها راحة من تعب المدرسة ومتابعة الأبناء والإزعاج اليومي، بالرغم من أن الدراسة حاليًا أصبحت شكلية، وأهم جزئية فيها معضلة الاستيقاظ صباحًا التي تواجهها الأمهات فقط، أما ما يتخللها من فرضية الجد والمثابرة والاجتهاد فهي مصطلحات ذهبت مع الامتحانات التي حل محلها التقويم البائس الذي أنتج لنا أشباه تلاميذ، يدخلون مباني تسمى مدارس، تتحفظ على الطلبة وقت الصباح حتى الظهيرة، ويمرون بهدوء على مناهج تدعى مقررات، ويأكلون حتى التخمة مما تقذفه المطاعم وتبيعه المقاصف؛ وهو ما يعني تخريج تلميذ سمين وليس نجيبًا! ولستُ بصدد نقد التعليم، ولكن ما يشغلني هو وقت الفراغ الطويل الذي يأتي بعد نهاية العام الدراسي.
وإني لأتطلع إلى فتح أبواب للعمل، ومداخل للفائدة والمتعة، وشرع منافذ للإبداع والتغيير بغرض المحافظة على النشء، وانتشالهم من أوقات الفراغ المهلكة، ومساعدة الشباب على توسيع مداركهم، وتنمية مواهبهم، وتطوير قدراتهم، واستثمار طاقاتهم، وزرع القيم فيهم، وتحقيق التعارف الإيجابي بينهم، واكتساب الصداقات المثمرة، وتبادل الخبرات الثرية فيما بينهم.. كتدريبهم على بعض الحِرف والمهن اليدوية، مثل السباكة والنجارة والزراعة وأعمال الدهان والميكانيكا، إضافة إلى برمجة الكمبيوتر وتعلم اللغات، وتمرينهم على الكتابة والتعبير الحر، وفتح باب النقاش والحوار لمعرفة آرائهم حول القضايا المطروحة وتوثيقها، وكذلك القيام برحلات إقليمية متبادلة بين الشباب لبعض مناطق المملكة لكسر الطوق المذهبي والحزام المناطقي، وإحلال عواطف المحبة بدلاً من مشاعر الكراهية؛ ليكبر النشء وهو يتنفس مشاعر المواطنة نحو أبناء بلده. وأجزم بأن نتائج هذه الإجراءات سيكون مردودها إيجابيًّا على الشباب والأسرة والوطن.