فهد بن جليد
لا يجب أن تشعر بالخجل من تدقيق فاتورة العشاء في المطعم، والتأكد من باقي المبلغ الذي يعيده البائع أو النادل إليك أمام الآخرين فهذا لا يقلل من بريستيج ومكانة الشخص، أو يعني عدم الثقة، لذا يجب أن تُمارس حقك الطبيعي في التدقيق والتأكد والمُراجعة حتى لو كنت المُضيف وتُساعد في نشر هذه الثقافة بين أصدقائك وأقاربك، وبإمكانك القيام بذلك عند «الكاشير» بشكل منفصل أو حتى وسط الضيوف فلا أعلم في هذا ما يقلل من قيمة الشخص وضيوفه، بقدر ما هي مُمارسة وحذر طبيعي يدل على زيادة الوعي والحضور الذهني، ويفترض أنَّها دليل على خبرة الشخص في زيارة مثل هذه الأماكن وإمكانية وقوع أخطاء مقصودة أو غير مقصودة فيها.
للأسف ومن خلال مُشاهداتي الشخصية، فإنَّ السعوديين الذين أراهم داخل وخارج المملكة لا ينظرون في المجمل إلى فواتير «المطعم أو الكوفي» خصوصاً في حال كانوا مجموعة أصدقاء أو حتى شخص وعائلته، ويكتفون بمعرفة المبلغ ومد «بطاقة البنك» لحسم المبلغ أو دفع الفاتورة بهدوء، وكأنَّها رسالة بأنَّ «النادل أو البائع أو المُحاسب» مصدر ثقة، حتى لو كانت هذه هي الزيارة الأولى للمكان، وهو ما ساعد على استغلال واستغفال البعض، عندما نعتقد أنَّ الخطأ إن وقع فهو محدود ومبلغه هامشي، وأنَّه لا يستحق إفساد المتعة التي يعيشها في المكان بصحبة أهله أو أصدقائه، وعليه أن يُريح «رأسه» من الجدل والخلاف وإضاعة الوقت في مثل هذا النوع من النقاش.
سأتحدث عن «تجربتي الشخصية» ففيما مضى كنت ممن يدفعون بصمت فلم أتعود إطلاقاً على النظر في التفاصيل وإشغالي نفسي بها، على اعتبار أن الثقة موجودة، والفواتير عادة تأتي مطبوعة من الكاشير وما يهم هو المبلغ الإجمالي وأنَّ الخطأ محدود في حال وقوعه، حتى رأيت أحد الأصدقاء الأثرياء يدقق في الفاتورة في كل مكان يدعون إليه، وعادة ما يكتشف وجود خطأ بإضافة مبلغ غير صحيح، ويطلب من الشخص المسؤول تعديله قبل الدفع بكل هدوء وبابتسامة فيها ثقة كبيرة، هنا عرفت أنَّنا نحن «محدودي الدخل» من نخجل دائماً من التدقيق، ونعتبر الدفع دون تدقيق دليل مكانة ورفعة بينما العكس صحيح، لذا قررت من يومها تقمص شخصية «المُحاسب القانوني» والانضمام لنادي المُراجعين والمدققين دون خجل، وتحسرت كثيراً على المبالغ التي دفعتها بغير وجه حق فيما سبق، تبعاً لعدد الأخطاء التي اكتشفها كل مرة والتي وصلت لمُضاعفة أسعار السلع في ماكينة القراءة الآلية للكاشير في المولات، جرِّب بنفسك لتعرف الفرق وعماذا أتحدث؟
وعلى دروب الخير نلتقي.