مها محمد الشريف
ليس من دليل على أن بريطانيا سترد على إيران دون خيارات متعدِّدة، لأن الأحداث تجاوزت الخصومات والضغائن، فهل بريطانيا باتت وحيدة لا أوروبا ولا أمريكا؟ وهل لديها القدرة على أن تضر إيران بعقوبات اقتصادية؟ فالدافع لا ينفصل عن كل الدوافع الأخرى، الذي أقدمت عليه إيران، والذي يعد سابقة خطيرة باحتجاز ناقلة النفط البريطانية، ولكننا نتساءل ما هي الخيارات المتاحة بالرد على إيران، لو قلنا إن الحكم الموضوعي على الأشياء بصفة خاصة ينم عن شكوك مقلقة.
في ذروة الأحداث تسعى بريطانيا للحصول على دعم دبلوماسي وتشغيلي من الحلفاء الأوروبيين الرئيسيين في محاولة لإبقاء مضيق هرمز مفتوحاً لسفن الشحن التابعة لها، فهل ستذهب بريطانيا لمجلس الأمن، بالطبع، لا نعزو ذلك إلى أحد الخيارات المطروحة، وإنما نعزوه إلى الإستراتيجية التي تتبعها بريطانيا وتتناغم مع سياستها بطريقة ما، فالعالم يراقب التطورات بعد توعدها لإيران بتعزيز قواتها في الخليج.
وإثر اندلاع التهديدات من الحكومة البريطانية دعا وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، أنه إذا استمرت إيران في التصعيد سيقابل بحضور عسكري بريطاني ضخم في الخليج، حيث أعلن هانت داخل البرلمان البريطاني عن وصول فرقاطة بريطانية إلى مياه الخليج خلال أسبوع، قائلاً: «إن مهمتنا هي ضمان حرية الملاحة البحرية».
ها هو عالمنا اليوم يشهد القوى العظمى تحشد قواتها الضخمة في مياهنا الإقليمية، ونحن على مقربة من الأحداث نتابع على هواتفنا الذكية ما يدور من حوارات وأخبار وبيانات تحول فضاءنا الافتراضي إلى مراقبة جماعية وأجهزة استشعار حيوية وكيميائية وإشعاعية تغذي مراكز قواتهم لإنجاز المهام رقمياً على شاشاتهم المركزية وآلات التصوير والمراقبة.
وعلى مستوى أوسع، تسعى الدول لرفع قدرتها الرقابية لأغراض أمنية واستخباراتية، وكشفت أسرار وتحركات إيران المريبة، ولكن تركوها في ساحة العقوبات تعلن العصيان، فظهرت عليها علامات الخطر وتنذر بإمكانية ممارسته بكل الطرق لتؤكّد موقفها المشبوه وعدائها المستمر لجيرانها من دول الخليج والدول العربية.
علماً بأنه لا توجد أي ضمانات تؤكّد أن إيران تعبئه بأمن الخليج والممرات المائية ووفائها بذلك سيكون ضئيلاً جداً وغير موثوق، ولكن تعتزم بريطانيا تشكيل قوة أوروبية موحَّدة للرد على تهديدات إيران، وليس ثمة شك أن الوقت حان لإيقاف هذا العبث، ولكن لو نظرنا قليلاً إلى الخلف لتبادر إلى الأذهان السؤال الأهم أين حلف الناتو من دعم بريطانيا؟!