سهوب بغدادي
حب بلا حدود ودلال فريد من نوعه وطلبات مجابة على الدوام! كل هذه الأمور لن تتحقق سوى في بيت الجد والجدة مع غياب العقاب وبروز الثواب نستمع إلى ما يردده الأجداد على مسامع أبنائهم -المربين- «ما أعز من الولد إلا ولد الولد» فيما يستغل الحفيد هذه الممميزات لخرق ما يحلو له من القواعد والقوانين المفروضة عليه في المنزل من قبل الوالدين. يشكل كل من الجد والجدة الحصن المنيع للأحفاد الفارين من عقاب المربين في حين يقف الآباء والأمهات في حيرة من أمرهم بسبب هذه المعضلة فهم بين نار تربية أطفالهم ونار بر الوالدين ولن يستطيع المربي التحيّز إلى طرف دون الآخر فالمربي يبر والديه ويرغب بأن يبره أبناؤه مستقبلاً فما العمل؟ قمت بالبحث عن الحل الأمثل مطولا فكان التصرف الأمثل هو الاتفاق المسبق بين المربي والطفل على الثوابت وفي حال خرق القواعد المتفق عليها سيحاسب الطفل حين العودة إلى المنزل مع إيضاح موقف الوالدان من الأجداد ومفهوم التغاضي المؤقت أمامهم بغية عدم إيذاء مشاعرهم. بغض النظر عن هذه المعضلة أرى أنها ليست بالأمر المهم أو الهام عقب تعجبي من منظر امرأة طاعنة في السن تجلس على كرسي أمام قصرها ظهراً!، تمعنت في منظرها غير الاعتيادي فما الذي يدفع تلك المرأة للجلوس تحت أشعة الشمس الحارقة؟ لم تمر دقائق حتى لمحت أطفالاً يتسابقون نحوها لتقوم من محلها على مهل وتحتضنهم جميعاً. ذكرني هذا الموقف بجدتي رقية -رحمة الله عليها- التي رحلت عنا العام الماضي فلقد كانت تحب ابنتي حبًا لا مثيل له حين دفعها حبها إلى شراء جهاز آيباد وتعلم هذه التقنية لكي تتمكن من رؤيتي وابنتي عندما كنت في بلاد الابتعاث ثم نمى حبها لتتعلم بعض الكلمات الإنجليزية لتخاطب ابنتي بها لتتأكد من وصول مشاعرها لها «آي لوف يوه قمر» وفي أيامها الأخيرة كانت تخبرني مرارًا بأنها جعلت ابنتي في خلفية هاتفها لتقبل الشاشة كل ساعة، ثم تنام لتحلم بها كل ليلة، ولا أبالغ عندما قالت كل ليلة نظراً لقوة اشتياقها لابنة حفيدتها. لمثل هذا الحب نعيش وبمثل هذا الحب نسمو ونصبر على مرارة الفراق. فلن أبحث مجددًا في طرائق التربية ما دام الحب متأصلا فيهم ومتمثلاً بهم. فلندع الأجداد يغرقوا أطفالنا حبا ودلالا فما أفسد دلالهم شخصًا أعرفه قط ولم أر لحبهم ودلالهم سيئة سوى زيادة الوزن.