عبده الأسمري
يواجه أي وزير أمانة المسؤولية بمجرد استلامه حقبته الوزارية حاملا التركة الجديدة التي خلفها وزير سابق وهو بذلك أمام أمرين هامين إما تعقب التقارير التي تصل إليه من خلال جولات مكثفة وفرق نزيهة تراقب العمل ويتابعها بنفسه. وإما أن يخلع بشته وأن ينزل بنفسه للميدان دون حدوث فاجعة أو كارثة دفعته لأن يتوجه إلى حدود مهام وخدمات المواطن التي تختص بوزارته وتقع تحت مسؤوليته.
عدد من الوزراء ظلوا سنينا ولا يزال منهم البعض ينتظر الملفات الشهيرة التي تمتلئ بالمعاملات المزمنة والقضايا اليومية التي تنتظر توقيعه والتي أراها بيروقراطية مقيتة قياسا بأهمية إخضاع كل معاملة للدراسة والتروي لا أن يقرأ توضيحا عليها من مسؤول أدنى منه أو توصية أو عرضا لآخرين يريدونها أن تظل حبيسة الأدراج.
هذا الملف الجائل يتنقل به بين أروقة الوزارة مدير إدارة أو موظف عابر أو سكرتير المكتب ليجول به بين الإدارات وقد يبقى شهورا على طاولة مدير المكتب الخاص دون سؤال أو متابعة.
عدد من المواطنين باتوا على يقين أن التعثر يكمن على عتبات «مدراء المكاتب» و«موظفي مكتب الوزير» الذين يمثلون غالبا حاشية اعتادت «التأجيل» وتوعدت بالتسويف وارتمت في دائرة «التجاهل» وتوارت خلف حجاب «التغافل»!!
فالوزراء الناصحون الفالحون الناجحون يفرقون جيدا بين «الحاشية» و«المستشارين» فقد علم كل أناس مشربهم من الفئتين.. لذا فإن ألاعيب الحاشية رهينة بشخصية «الوزير» وكفاءته وإتقانه وتفننه في نفض غبار «البيرقراطية» وترتيب أوراق الاحترافية ومنع «النائمين» في الكسل من تأخير المعاملات أو تعطيل الملفات..
الوزراء هم من يرسمون خارطة مشاهد الحاشية الذين يتراوحون ما بين الرفقاء القدامى أو الأصدقاء الجدد أو المعينين حديثا الذين يجيدون الالتفات والتقرب بل والتطبيل لأي وزير جديد قادم إلى وزارة لا يعرفها وفي هذا المنحنى على الوزير «دراسة الحاشية» فهم أهم ملفات الوزارة لأنهم من يصنعون أجواء الوزارة ويرسمون الدرب أمامها ما لم يقم الوزير بنفسه بوضع خارطة طريق وزارته من عقله ووفق معطيات مدروسة بعيدا عن الاجتهادات الشخصية المعتمدة على أقوال الحاشية أو من يسمونهم «الحرس القديم» أو من فريق حاشية جديد تم تدريبهم على يد أحد عتاولة الحاشية السابقة.
نحن في درب مكتظ بالعقبات والتحديات ماضون إلى «العالم الأول» الذي يقتضي تنقية الوزارات من «شوائب» المؤجلات وتصفية «الملفات» من «شروحات» التسويف..
لا مكان في رؤيتنا السعودية 2030 للتعطيل أو التخاذل.. رأينا شل أطراف الفساد وبتر جذور المفاسد.. وتشربنا ذلك «العدل» المعمم وتسلمنا بشرى «المساواة» سرا وعلانية ولمسنا التغير والتغيير وتوسمنا التطوير والتحوير نحو غد مشرق لا يقبل القسمة إلا على «أعداد المنطق الصحيحة» من الإيجاز والإنجاز.
النزاهة «مطلب» و»الشفافية» متطلب والأمانة عنوان أول لكل معاني الوفاء بالأداء والاستيفاء للمهمة.
على الوزراء أن ينتبهوا لألاعيب بعض الحاشية التي تبرر الأخطاء وتسوف الخطط وتسوق لمصالحها وتخفي المنطق وتخبئ الواقع على حساب أهوائها. عليهم أن يختاروا حاشيتهم بعناية وأن يخضعوا ممن وجدوهم أمامهم لدراسة مستفيضة وأن يخضعوهم لاختبارات تضعهم في مقياس وطني وقياس موضوعي ليفرقوا بين المصلح من المفسد تماما كما التفريق بين المعاملات والمتطلبات فالخدمات خطابا مكتوبا أو طلبا معروضا ويبقى إنهاؤه أو تعطيله رهين توقيع أو شرح أو عبارة مسؤول. على كل وزير أن يفتش بين حاشيته فقد يكتشف أسرارا ويسبر أغوارا تظهر لك مكامن خلل أو تدله إلى مواطن أخطاء أو ترشده إلى مسبباب تأويل أو أسباب تهويل في جوانب الحلول.. حتى يتم حل «عقدة» المصروفات والوقاية من «تعقيد» الجمود.