د. خيرية السقاف
ونمشيها خطى، وكلنا سنقف..
الموت الحقيقة الوحيدة التي تنتظرنا في وقتها ولا تخلف..
وإن كنا لا ندري عن موعدها..
تفاجئنا حين نحن بشر تحكمنا عواطفنا، تكبر فينا أحزاننا، تتضخَّم فينا آلامنا حتى تغطي فينا
مسامات الصبر..
فننحني مكبلين بأثقالها، لا تنهض بنا قوانا إلا حين نمسك بأوتاد اليقين، ونفتح عيون حواسنا لأشعته..
كلنا مقبلون عليه، وهو في الانتظار لا يستعجلنا، كأنه الأم تأخذنا لجنة قلبها..
قلب الموت جنة يقين، منتهى عفو، بالغ رحمة، حقيقة لقاء..
لكن بمن؟!
بالذي خلق كل سلامة فينا، ونبضا، وأودع الحياة فينا روحاً حين تغادر أجسادنا فإليه..
صعب هذا المحك لمن خلق من ماء وطين..
قاس فراق الطين للطين..
حفيٌ بالدموع، كثير على القبول، فيما لا أصعب من لحظة مثوله..
كل لحظة حضوره ترجعني للحظة مضت، حين حضر فغابت نوَّارة..
وحين مضت معه فاتسع الفراغ بي، وتساوت بعدها كل الأحزان..
في الأيام القليلة الماضية حضر، حضر ببيوت أعزة، وأخذ معه أعزة..
ربما لا أملك في حضوره إلا استشرافه..
وأشارك الأعزة فقدهم، وندي حزنهم، وحديث ألمهم، وأعزيهم بالدعاء، وبالمشاركة، فبعضهم لي فيمن فقدوا حبل ود، وشراكة مد..
فاللهم ارحم موتانا الذين جاؤوك برحمتك، وأكرم وفادتهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء، والثلج، والبرد، وأنزل على أهلهم السكينة، والرضا، والصبر..
وفي أمس الأول فقدنا في فجاءة من آلم قلوبنا فقده، فاستوحشت أركانها، وفرغ بين نواظرنا مكانه، أخي القدير الدكتور عبدالرحمن الشبيلي فاجعله يا رب في مراتب الشهداء الصالحين، وأنزل الصبر على زوجه العزيزة، وبنتيه الغاليتين، وذريته الأثيرة فيهم، وأصدقائه المخلصين، وضاعف لهم الأجر، وإنا منك وإليك راجعون يا أرحم الراحمين.