عمر إبراهيم الرشيد
سُئل رئيس بلدية حائل الأسبق والكاتب المعروف إبراهيم البليهي عن عدم تنظيم أسبوع للنظافة أسوة ببلدية مدينة جدة، يوم كانت هناك أسابيع تنظّم للشجرة، النظافة والمسجد وغيرها في تلك السنوات، فأجاب البليهي بأن حائل وصلت لدرجة اللمعان من شدة النظافة، لذلك فإن حائل ليست بحاجة إلى أسبوع نظافة!
كان ذلك الحديث في ندوة مشتركة ببن بلدية حائل وشركة الكهرباء ومرور حائل وذلك عام 1399 . بعدها بثماني سنوات حصلت حائل على جائزة أنظف مدينة أي عام 1407، هذا ما يخص النظافة عدا عن التشجير والحدائق الوارفة الظلال وهما ميزتا العروس بنضارتها وجدائلها الخضر! فما هو الحال الآن؟! واقع الأمر أن الحال لا يخفى ومع ثورة التواصل الحالية أخذ أهل حائل زمام المبادرة مطلقين حملة إعلامية اجتماعية، هدفها العمل كل في حدود مسؤوليته، الأمانة والطرق والخدمات كافة، لوقف هذا التدهور البيئي، من إهمال التشجير على مدى العقود الثلاثة الماضية، إلى تدهور أسفلت طرق وشوارع حائل، وتدهور وضع الحدائق التي كانت مضرب المثل في المملكة، وغيرها من الخدمات البلدية. وللحق فإن هذه الحملة أول ما تكشف عن الوعي البيئي والاجتماعي لأهالي المدينة، وغيرتهم على العروس وزينتها بين شقيقاتها مدن هذا الوطن العزيز.
ولئن كتبت عن حائل كأحد أبنائها فإنما أكتب عن هم وطني عام، فـ(التصحير) لا التصحّر هو مصدر لعلل بيئية صحية، بل ونفسية واجتماعية نلمس ملامحها منذ سنوات عديدة، من بينها الأمراض الصدرية والتنفسية، حدة المزاج، التلوث البصري، شيوع ارتفاع ضغط الدم وأمراض السكري، وغيرها مما لا يتسع المقام لذكره. كل هذا وغيره من محاصرة الخرسانة والأسفلت لسكان المدن ومن بينها حائل.
وما حداني للكتابة كما قلت هو تلك الحملة الواعية دون (شخصنة) للفت نظر الأمانة لتحمل مسؤوليتها والتي استجابت مشكورة بدورها في هذا المجال، فأفراد المجتمع شركاء في التنمية والمسؤولية على امتداد هذا الوطن العزيز .
هنا أختم بما سطرته الليدي آن بلنت في كتابها (رحلة إلى بلاد نجد) عن حائل عندما زارتها عام 1879م، تقول (لن أنسى الانطباع الذي أخذته حين دخلت حائل من نظافة الجدران والشوارع الخارقة للعادة والذي يكاد يعطي جواً خيالياً)، وهذا في القرن التاسع عشر الميلادي، فهل من عجب لهذه الحملة والغيرة الحائلية على العروس؟!