فضل بن سعد البوعينين
برغم انخراط النظام القطري في عمليات دعم وتمويل الإرهاب بشكل منظم، ووقوفه خلف غالبية الجرائم الإرهابية في المنطقة وبعض دول الغرب؛ إلا أنه قاتل من أجل إلصاق تهمة تمويل الإرهاب بالسعودية؛ مستغلا ملاءته المالية وقدراته الإعلامية والغطاء الاستخباراتي الصهيوغربي في مرحلة حكم الرئيس الأميركي السابق «باراك أوباما». لم تكتفي حكومة قطر بدعم وتمويل الجماعات الإرهابية؛ وتوفير الملاذ الآمن لقياداتها؛ بل عملت على شيطنة دول الخليج؛ وفي مقدمتها السعودية والبحرين؛ من خلال أكثر من 24 قناة وصحيفة ومواقع إلكترونية؛ إضافة إلى مراكز بحث ومعاهد ومؤسسات فكرية عالمية.
نجح المال القطري في تمويل واستمالة مؤسسات إعلامية دولية وقيادات فكرية وبرلمانيين غربيين وتوجيههم لخدمة أهدافها العدائية. لم يكن نجاحها ليتحقق لولا الدعم الاستخباراتي الصهيوغربي الذي وقف بقوة خلف إستراتيجية الفوضى في المنطقة.
يبدو أننا أمام تحول في الإستراتيجية الأميركية وتعاملها مع ملفات المنطقة. قد يكون التحول في آلية العمل لا الأهداف النهائية التي غالبا ما تكون ثابتة ومعتمدة ضمن خطط طويلة المدى؛ إلا أن ثبات الأهداف لا يلغي تحول التكتيك الغربي الذي دخل مرحلة جديدة قد تسمح بفتح ملفات تمويل الإرهاب والتطرف المغلقة.
أحسب أن التحول الغربي؛ الأميركي على وجه الخصوص؛ سيفتح أبواب جهنم على النظام القطري الغارق في قضايا فساد مالي وغسل أموال وتمويل عمليات إرهاب حول العالم. لذا تتوالى الفضائح القطرية في أروقة المحاكم والإعلام الغربي.
كشفت صحيفة «التايمز» عن تورط بنك «الريان» المملوك لدولة قطر ببريطانيا، في تقديم خدمات مالية لمنظمات ومؤسسات على صلة بالمتشددين والجماعات الإرهابية، ومنها جمعية خيرية محظورة من قبل الولايات المتحدة مرتبطة بالإرهاب، ومسجد على صلة بحركة «حماس»، وقناة «بيس» الفضائية، المتهمة بنشر خطاب الكراهية وإساءة المعاملة والتحريض على الجريمة، ومؤسسات عرفت بتمويلها عائلات الإرهابيين، ومنهم بعض مقاتلي داعش. تهم ليست بالجديدة ولا الغريبة على قطر؛ فملفها في تمويل الإرهاب والتحريض ونشر الكراهية مليء بالقضايا القذرة التي لا يمكن حصرها أو الخروج منها. الأكيد أن التحول الغربي في التعامل مع قضايا المنطقة أسهم في فتح تلك الملفات المغلقة؛ وفتح الباب أمام قضايا أخرى قد تتسبب في إحداث تغيير شامل وقريب في النظام القطري.
قد تستثمر القضايا المرفوعة ضد النظام القطري في عمليات ابتزاز مالي وتعويضات متنوعة؛ تتسبب في إبطاء الحسم فيها؛ كما حدث في قضايا سابقة؛ وقد يتسبب وجود الدعم الاستخباراتي الذي يؤمن من يقف خلفه بإمكانية استكمال مخطط الفوضى التي تديره قطر بالنيابة، ويراهنون على عدم فوز «دونالد ترمب» بفترة رئاسية ثانية، وبالتالي العودة إلى مخططاتهم السابقة؛ وهي أمنية أستبعد حدوثها وفق المعطيات الحالية. قضايا الفساد وغسل وتمويل الإرهاب لا تسقط بالتقادم؛ لذا قد تظل تلك الملفات مغلقة، أو معلقة لفترة من الزمن؛ إلا أن المؤكد أنها ستعود للواجهة بعد تحقق أهداف الغرب الإستراتيجية. عندها سيتجرع النظام القطري كأس السم الذي أراد أن يسقيه السعودية ودول الخليج الأخرى.