م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. القراءة الناقدة للنظرية أو الفكرة لا تصدر من ذهن خال.. وبالتالي فإن الملاحظات عليها واستقراء واقعها ليست نتاج العقل وحده.. بل نتاج ما يكتنزه من أفكار وخيال ومعرفة وتوافر وسائل البحث والتجريب.. فهذه هي التي تقود للاستنتاج، أو تفسر ظاهرة، أو تشرح نظرية، أو توضح فكرة، أو تثير النقد الفاحص الذي يؤدي بدوره إلى النتائج.
2. النظرية أو الفكرة التي يجب قبولها قبول اليقين لا تَعُد نظرية أو فكرة.. بل تتحول إلى وحي وهذا لا يكون إلا من الأنبياء والرسل.. فالنظرية أو الفكرة إن لم تكن جسراً ينقلنا من علم إلى آخر أكثر تطوراً أو فكر أكثر تقدماً.. وإن لم ترتقِ بنا إلى مستوى آخر أعلى.. وتتواصل مع حياة الناس المعاصرة.. فإنها تظل مجرد نظرية أو فكرة منقطعة لا تصلح لزمانها.. لأنها أصبحت خارج الزمن بالتقادم.
3. النظرية أو الفكرة لا تُعَد كذلك إذا كان هناك من يفرضها بالقوة ويمنع محاججتها ومحاكمتها ومجادلتها.. لأنه حرمها من أن تكون علماً يتراكم ويتطور ويقاس تأثيرها بالنتائج بل أصبحت غيباً إلهياً وتحولت إلى دين.. كما حصل مع الشيوعية والنازية والبعثية.. وغيرها.. وهو ما فسره الدكتور علي الوردي بأن فشل أي مبدأ يبدأ بعد نجاحه.. فالنجاح قد يكون بمثابة قبر يُدْفن فيه المبدأ.
4. القراءة التي تورد الدلائل والشواهد على صحة الفكرة أو النظرية أقل أهمية من القراءة التي تورد الدلائل والشواهد أو تجري التجارب التي تحاول تخطئة الفكرة أو النظرية.. فأي نظرية تكافح وترفض التشكيك فيها بسبب آليات تعميمها التي تقود إلى التخلص من الأدلة المضادة لها هي نظرية غير علمية ولا يمكن قبولها معرفياً.
5. النظرية أو الفكرة هي مقترحات لحلول.. والذي يقدسها حد اليقين أو ينفيها حد القطع.. ليس فقط لا يرى الحلول المقترحة بل إنه لا يرى المشكلة.. وهنا مكمن الخطر.
6. تذكر أن لكل شيء مكانه وزمانه.. فمثلا (آينشتاين) حينما نشر عام (1905م) نظريته في النسبية لم تكن أكثر من مجرد نظرية رياضية.. لكن حينما بدأ الأمريكان في بناء المفاعلات النووية عام (1942م) أصبحت تلك النظرية هي المرتكز العلمي لها.. وهكذا احتاج الأمر إلى أربعين سنة تقريبًا حتى تتحول النظرية إلى تطبيق عملي.