رمضان جريدي العنزي
يحاول أن يبني لنفسه برجًا عاجيًّا، وسقفًا عاليًا، وكرسيًّا فخمًا، وأن يجعل لنفسه هيبة وحضورًا ودهشة وفخامة، يكره البلبل والسنونو والشحرور وعصافير الزينة، ويحب الطاووس من الطيور، مفتون به، ومعجب بشكله ولونه ومشيته وحركته حين ينفش ريشه، نتيجة خوائه الروحي، واضطرابه النفسي، وضعفه الأخلاقي، وانخفاض درجة التواضع عنده، متجهم مكفهر وعبوس، خلافًا لما تقتضيه القواعد الأخلاقية والإنسانية وتعاليم الدين، تعامله جاف، لا هو هاشًا باشًا، ولا يحب الابتسام، وجهه غير متهلل، ولا ينطق بالبشر والطلاقة، ولا يستطيع النفاذ إلى القلوب، الرقة والشفافية والتواضع ولين الجانب يمر من عندها كأنه ريح عاجلة، يتعامل مع الناس بشكل مغاير، وعنده تباين، لا يروق له أي أحد، وينفر من كل أحد، طاووسية الكلام والموقف أس الحضور عنده، يمارس الكبر واللغو والازدراء، له مكائد وأحابيل وتحايل، ولا يتورع عن الكذب وممارسة البهتان، ممثل بارع، من طراز عجيب، كلامه خيال، وقصصه مستهجنة، ورواياته مبتورة، ينطلق من ادعاءات خادعة، كمظهره الخادع، ولأنه يحب الظهور والتسلق والبروز، ويستهويه الحضور، يحاول دائمًا أن يكون حقلاً ونهرًا ومصبًا وساقية، باحثًا ومؤلفًا وشاعرًا وراويًا، يتبع هوى نفسه والشيطان، اللذين يوقعانه في المطبات والحفر، ويجعلانه أضحوكة ومحلا للسخرية والتندر والاستهزاء، إن الغطرسة بضاعة الأشقياء، وغلاظ القلوب، الذين يتمادون بغيهم بعيدًا عن رحاب المروءة والتواضع والإنسانية، والغطرسة مرفوضة بموازين الدين والسلوك والأخلاق، وهي أبشع المعاملات بين الناس، وهي عمل وخيم، وسلوك رديء، ولها سعار مقيت، يذكر أن رجلاً رأى متكبرًا في السوق، فما زال يرمقه ببصره، حتى ساء ذلك المتكبر فقال: ألا تعرفني؟ فرد عليه الرجل بسخرية: بلى والله أعرفك، أنت ابن آدم المسكين، تحمل في جوفك العذرة، وبعد موتك جيفة قذرة، وتدميك البقة، وتقتلك الشرقة، إن الناس لا يمنحون حبهم لمن يتعالى عليهم، يمقتونه وينظرون إليه بعين الشك والريبة، ويرونه فاشلاً وراسبًا في الحياة وإن جاملوه بمضض، إن الغطرسة والكبرياء مثل السم الزعاف الذي لا بد أن يفتك بصاحبه، طال الوقت أم قصر، ولا خير في المتغطرس أبداً كونه خرج على القواعد الأخلاقية والمواصفات الإنسانية وتعاليم الدين، أجارنا الله وإياكم من الغطرسة، وأبعدنا عن المتغطرسين، أصحاب الاختيال والتفاخر الباهت والتكبر الفارغ، والاقبة للمتقين.