د. أحمد الفراج
تستمر رحلتنا مع أفضل رؤساء أمريكا عبر تاريخها، فقد كتبت عن ستة منهم، واليوم نتحدث عن السابع، وهو من عائلة روزفلت الشهيرة، وأحد أقرباء أحد أفضل ثلاثة رؤساء، الديمقراطي فرانكلين روزفلت، الذي كتبت عنه سابقًا، وقلت إنه الرئيس الاستثنائي، لأنه الوحيد الذي فاز بالرئاسة أربع مرات، وصاحب موضوعنا اليوم هو الرئيس ثيودور روزفلت، وهو جمهوري، حكم ما بين عامي 1901 و1909، وقصة وصوله للرئاسة عجيبة، فقد اختاره الرئيس ويليام ميكينلي نائبا له، ثم بعد عدة أشهر مات الرئيس، فأصبح روزفلت رئيسًا، وبالمناسبة، يعتبر روزفلت أصغر رئيس في التاريخ الأمريكي، إذ أصبح رئيسًا في عمر 42 فقط، وبما أنني كتبت في المقال الماضي أن جون كينيدي هو أصغر رئيس يفوز برئاسة أمريكا في عمر 43، فلا بد من توضيح، فكينيدي انتخبه الشعب الأمريكي في عمر 43، كأصغر رئيس منتخب، بينما روزفلت تسنم الرئاسة بعد مقتل الرئيس بعمر 42، ولم ينتخبه الشعب، وهناك فرق بين من يفوز بتصويت الشعب، ومن يصل للمنصب بعد وفاة الرئيس ودون تصويت.
ثيودور روزفلت هو سليل أسرة نيويوركية ثرية، مثل فرانكلين روزفلت، وقد أصيب بأمراض في طفولته، ولكنه تغلّب عليها، وتقمّص شخصية الكاوبوي، وبعد أن تخرج من جامعة هارفارد، عمل في التأليف، وأبدع في ذلك، ثم خاض وحول السياسة في ولاية نيويورك، ثم أصبح مساعدًا لوزير البحرية، ثم حاكمًا لولاية نيويورك المهمة، ثم نائبًا للرئيس، وكانت له بصمات كبرى داخليًا وخارجيًّا، فبعض المؤرخين يصنفه على أنه محافظ إمبريالي، ففي الداخل، قاد حربًا على الفساد فيما يتعلق بإدارة شؤون السكان الأصليين، وإدارات أخرى، كما كان له دور بارز في تطوير مشاريع السكك الحديدية، ومن أهم إنجازاته كانت قوانين المحافظة على مناطق الموارد الطبيعية والمحميّات، ولا ينسى المؤرخون دوره الكبير فيما يتعلق بمصالح الشعب، والاستجابة لمطالبهم، وذلك من خلال المساهمة في تطوير وتقنين ما يتعلق بصناعة الأدوية والأغذية، أما سياساته الخارجية، فقد أثبت من خلالها قدرته على المناورة في عالم شائك، تلخصها مقولته الشهيرة: «تحدث بنعومة وأنت تحمل بيدك عصاً غليظة»، وقد ختم كل ذلك بحصوله على جائزة نوبل للسلام، والخلاصة هي أن اثنين من أسرة روزفلت حكما أمريكا، وأصبحا من أفضل رؤسائها.