عرفات - واس:
توافدت جموع غفيرة من حجاج بيت الله الحرام منذ وقت مبكر إلى مسجد نمرة في مشعر عرفات أمس لأداء صلاتَيْ الظُّهر والعصر جمعًا وقصرًا اقتداء بسُنة النبي المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم - والاستماع لخطبة عرفة.
وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته (110) آلاف متر مربع، والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع، بضيوف الرحمن.
وتقدم المصلين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، وسماحة المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، ومعالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ.
وألقى عضو هيئة كبار العلماء الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ خطبة عرفة قبل الصلاة، استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نِعَم، منها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر.
وأكد فضيلته أن من الجهود المشكورة مشاريع التوسعات في الحرمين الشريفين، ومشاريع تهيئة المشاعر لأداء النسك، وترتيب البنية التحتية بها. وقد تتابع ملوك هذه البلاد على الاهتمام الفائق برعاية الحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين ابتداء من عهد الملك الصالح عبدالعزيز ـ رحمه الله وغفر له وأجزل مثوبته ـ ثم أبناؤه البررة سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله رفع الله درجاتهم في عليين, وما نشهده الآن في عهدنا الحاضر من أعمال جليلة في هذه المواطن الشريفة يُسرُّ بها كل مؤمن، سائلاً الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز, ويكون له ومعه مؤيدًا وناصرًا ومعينًا على كل خير, وأن يجزيه خير الجزاء على ما يقدمه من الخير والإحسان، ويجعله من أسباب الهدى والخير والرحمة, يبارك في ولي عهده الأمير محمد بن سلمان, ويجزيه خير الجزاء، ويجعله سبب خير ورحمة للأمة كلها, وأن يوفقه لما يحب ويرضى.
وخاطب فضيلته حجاج بيت الله قائلاً: إنكم في موطن شريف، تستجاب فيه الدعوات، وتنزل فيه الرحمات؛ يقول فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة». أخرجه مسلم. ولهذا رحمة بالمسلمين أفطر صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في حجه؛ ليتمكن الحجاج من الذكر والدعاء؛ فأروا الله من أنفسكم، وأكثروا من دعائه بالرحمة والخير لكم ولمن تحبون ولمن لهم عليكم حق، وللمسلمين عامة، بأن يصلح الله أحوالهم، وأن يتولى شؤونهم.
وقال فضيلته: من الرحمة بيان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - مناسك الحج بفعله؛ فقد خطب - صلى الله عليه وسلم - في عرفة، ثم أذن فأقام، وصلى الظُّهر مقصورة ركعتين، ثم أقام فصلى العصر مقصورة ركعتين، بعد ذلك وقف في عرفة على ناقته يذكر الله، ويدعوه، فلما غرب قرص الشمس سار إلى مزدلفة، وأذن فأقام ثم صلى المغرب ثلاثًا, ثم أقام فصلى العشاء ركعتين جمعًا وقصرًا, وبات بمزدلفة، ثم صلى الفجر بها في أول وقتها, ودعا الله إلى أن أسفر, وانطلق إلى منى فرمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس بسبع حصيات, وذبح هديه وحلق, وبعد ذلك طاف طواف الإفاضة, وبقي في منى أيام التشريق يذكر الله, ويرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال, يدعو عند الصغرى والوسطى, ورخص لأهل الأعذار في ترك المبيت بمنى.
وأضاف بأن سُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المكث بمنى إلى اليوم الثالث عشر, وهو الأفضل, وأجاز التعجل في الثاني عشر. فلما فرغ من حجه طاف بالبيت قبيل سفره صلى الله عليه وسلم.