د.ثريا العريض
هو موسم استقبال المملكة العربية السعودية لملايين الحجاج المسلمين من شتى أصقاع الأرض يجتمعون في مكة لتأدية فريضة الحج. أكتب يوم الجمعة 8 من ذي الحجة يوم التروية, وقد تصاعد الحجيج إلى منى.. ويصلكم المقال يوم الأحد يوم عيد الأضحى المبارك فكل عام وأنتم وكل أحبابكم بألف خير وسلام..
استقبلنا قرابة مليوني حاج مرحبين بهم بلغاتهم ومقدمين لهم كل ما يتطلبه احتشاد كل هؤلاء البشر بعد هذه رحلة متعبة من ديارهم من خدمات؛ حماية أمنية ورعاية صحية وعناية فردية واهتمام إنساني يشمل حتى الشريحة الهاتفية التي ستضمن لهم الاتصال بأهاليهم وطمأنتهم أنهم بخير.
أتابع تفاصيل تنظيم حركة زائري بيت الله الكرام منذ وصولهم حتى يتمون مشاعر الحج، وأشعر بالفخر أن شوارع مدننا آمنة مريحة مبتسمة حتى وهي تصافح حشود الحجاج.
وأقارن هدوءها وسلامها بما يصلنا في الأخبار العالمية عما يجري في الشوارع العربية والعالمية المؤججة.. تفاصيل لا تبشر بكونه موسم سلام! مدن الولايات المتحدة يئز فيها رصاص العنصريين ليتساقط العشرات من المواطنين من أصول غير بيضاء قتلى وجرحى لم تشفع لهم مواطنتهم ولا أوراقهم الثبوتية لتحميهم من جنون الغلو والعنصرية والتشدد.
شوارع في القارات الخمس تعاني من موسم ملتهب حرفيا ومجازيا بسبب الاضطرابات والاقتصادية والكوارث البيئية وفساد القيادات السياسية وشعور مواطنيها بعدم الاستقرار المادي والمعنوي.
هدوء شوارعنا وانتظام تسيير الحجاج ينزل بردا وسلاما على قلوبنا وفي عقولنا أفئدتنا..
هذا العام 1440 هجرية يأتي موسم الحج في عز صيف ملتهب؛ حيث تصل درجة الحرارة في شتى مناطق المملكة ما يتعدى الأربعين درجة مئويا, بل ما يقارب في بعضها الخمسين درجة مئوية وهي الدرجة التي يمنع فيها العمل في الخارج. على أن تأثير الطقس مقدور على تحجيمه والتحكم فيه بالتقنيات الحديثة للتكييف في الداخل.. وتقنين أوقات العمل في الخارج.
الأكثر التهابا من طقسنا الداخلي ماديا هو الالتهاب عاطفيا على كل مستويات الانتماء في محيطنا الإقليمي والعربي والإسلامي.
منذ ابتدأ ما سموه تجاوزا «الربيع العربي» في يناير 2011 والعرب في حالة التهاب وتأجج تقافز بقدرة قادر من تونس إلى ليبيا إلى مصر في شمال أفريقيا عابرا البحر الأحمر إلى اليمن ثم البحرين ثم سوريا.. وهناك من ينفخ بكير التأجيج ممولا ومخططا مستترا ليؤجج الخلاف بين الشعوب الآمنة في الخليج وجواره في آسيا وأفريقيا امتد الإحساس بحرارته في الخليج. تنكشف الأقنعة ونرى الأعداء يفقدون سترهم المعتم.
الحمد لله على نعمة الاستقرار وبعد نظر وحكمة القيادة في اتخاذ القرارات التي تستديم الأمن والسعادة لنا.. ولكل من يمر بأرضنا.