شريفة الشملان
ها قد انتهى حج هذا العام 1440 هـ. كنا نتبع يجتاحنا شوق يتجدد كل عام. فرحين رقابنا تطول وتتيه فخرا بكل إنجاز، نتتبع الحجيج خطوة خطوة، لم نشارك فعلا بأيدينا وأنفسنا لكنا شاركنا بعواطفنا وفرحنا وابتهاجنا.
هو الحج عام يتلوه عام. وعام يفرحنا أكثر من السابق.
أن يمنحك الله فرصة أن تكون مواطنا بوطن تحبه هذه مكرمة كبيرة. وأن يكون وطنا تفخر به فهي نعمة كبرى. وأن تجد ما حولك فرحا متعاضدا فذاك أكبر النعم.
كان العيد باسما وكان كل فرحا يشعر إنه شارك ويشارك الفرحة.
كانت فرحتنا بكل شيء بشبابنا وشاباتنا، فرحين بالجنود وهم يخضون كل مكان، مبتهجين فيهم. بحركاتهم العفوية، حمل طفل أو حاج تعب. وأجمل شيء جندي عندما رأى والدته أخذ التحية العسكرية. وحقا تستحق كل أمهات الجنود والشهداء تحيات وتحيات.
طواف القدوم والسعي كلها تجعل قلوبنا تغمرها روحانية كبيرة. التروية والنفور لعرفة، عرفات أخرى بكل ما تحمل من معنى دخل البيوت العوائل تجتمع للمرة الثانية بعد رمضان لإفطار يوم عرفة.. والحجيج مكبرين ملبين واقفين بصعيد عرفات. وخطبة يوم عرفة جلية واضحة يفهمها كل ذي عقل، ولا نشك أن الترجمات كانت آنية للمسلمين الناطقين بغير العربية.
وجاء العيد وتكبيراته وجاءت فرحة الصغار والكبار. قبلها أمتعنا ما نقلته لنا بعض جهات التلفزة من الحرم المكي الشريف وهو خاليا من الحجاج، لكنه مليئا بأهل مكة وقراها المجاورة أغلبه سيدات سعيدات فالحرم تقريبا ملكهن. يصلين يدعين، كنت قد سمعت عن يوم (القيس) من إحدى سيدات الأسر المكية. حيث يسرحن ويمرحن في الحواري فالرجال جميعهم كانوا في خدمة ضيوف الرحمن. والحواري كلها للنساء والأطفال.
رجم الشياطين، هو المضحك المبكي، كم أتمنى أن نستطيع كأدباء وكتاب أن نعطي هذا الحدث قدره ونعطي أنفسنا وأدبنا ما يمكن أن يسجل صورا جميلة، بعض المواقف غريبة جدا.
يقوم حاج برمي حذاءه على الشيطان ويعود حافيا. والبعض يحكي مقتطفات من قصص صور له الشيطان وزين فارتكب معاصي وجرائم أنهكه عذاب الضمير فأتى الحج يغسل ذنبه وضميره. وللنساء نصيب كبير. بعض القصص تلهم أفكارا كثيرة.
لم نقرأ لكتابنا والمكيين خصوصا قصصا وروايات مميزة عنها، أذكر رواية (فتاة من حائل) كتبها المغفور له محمد عبده يماني وزير الإعلام سابقا، وما كانت عن الحج ولكن بها فقرات عن لقاء بالحرم المكي الشريف، ولم تكن كما رآها النقاد ذات مستوى عال آن ذاك، خاصة أن يماني (رحمه الله) قال إنها كانت قصة قصيرة أصلا فقام بتطويرها أو تكبيرها أو (تمطيطها) كما ردد بعض الكتاب.
والآن ماذا نرجم في دواخلنا الشيطان الذي أغرنا أم الشيطان الذي جلبناه نحن لنضحك به على أنفسنا ونجعله خيال مآته نفرغ بها شحنات الندم.
ورجمنا الشيطان وعدنا للديار ورجم الكبار والصغار الشياطين. فكم شيطان يجب أن يرمى. وكم شيطان نطلب الله أن يسجنه ولا يطلقه لا في رمضان ولا غير رمضان يكون مكبلا دوما وأبدا..
يا رب أجعله شيطان الحروب فالحروب كلها من فعل الشياطين. إنها تأكل الخير، تيتم وترمل وتطحن المدن تكسر جسور المحبة والوفاء وتشغل عن التنمية والبناء وعن العلوم الجديدة، لا وقت للحب والسعادة مع الحروب لا وقت لتربية أطفال ولا للتعليم.
الحرب من فعل الشيطان لأنه من يشعلها ويوقدها ويدفع الناس لها ويزيدها نارا ودمارا فيا رب أشغل الشيطان بعيدا عنا وديارنا.
انتهى الحج ونحن فخورون بكل ما فيه. وندعو الله أن يحقق كل الأماني لمن حج ومن لم يحج، ويكبل ربنا الشياطين جميعها.
شكرا لكل الأيادي التي عملت فأبدعت.
وحبا ملء الكون لمليكنا سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان وكل من ساهم وعمل وكتب.
وكل عام وأنتم بخير وكل عام والحجيج بسلام وأمان.