ميسون أبو بكر
في الماضي كان الطلاق أبغض الحلال ولا يتم إلا في ظل ظروف قاهرة وسبل مسدودة أمام كلا الزوجين، وبعد استنفاد كل الوسائل الممكنة لإصلاح ذات البين، لكنه اليوم صار أمرًا سهلاً متكررًا حد الوصول لنسب فلكية، فإنه حسب إحصاءات وزارة العدل السعودية أن 147 حالة طلاق في المملكة تحدث يوميًا، وأن الخسائر المادية الناجمة عن حالات الطلاق بلغت نحو 3.5 مليار ريال خلال عام 2018 فقط، حيث تعد نسبة الطلاق في المملكة مرتفعة مقارنة بالمعدلات العالمية، وقد قامت جهات عدة ووزارات معنية بالأمور الاجتماعية والأسرية بتقديم جهود مختلفة للحد من هذه الظاهرة، كما طالبت نخب ثقافية ودينية في المملكة بالعمل على خفض هذه النسب.
قبل أربعة أعوام ناقشت الموضوع في إحدى حلقات برنامجي «عين ثالثة» مع د. أحمد الشهري على القناة السعودية، ولعل أسباب الطلاق منذ ذلك الوقت اختلفت ولو قليلاً عنها اليوم، حيث تعد الخيانة الإلكترونية من أبرز أسباب الطلاق اليوم إضافة لأسباب أخرى منها التقصير المستمر عند أحد الزوجين، ثم عدم التوفيق في اختيار الشريك المناسب، بعد أن كانت أسباب الطلاق في السابق نتيجة للزواج التقليدي وعدم التفاهم والحوار بين الزوجين قبل الارتباط.
ولا نغفل تدخل بعض الأسر في حياة أبنائهم وبناتهم مما يجعل الحياة مستحيلة مع تدخل طرف آخر، كما ما نواجهه من زيادة الأعباء على الزوج نتيجة انزلاق بعض الزوجات وراء تقليد المشاهير وآخر الموضات والصرعات وتقليد الصديقات عبر سناب شات والانستجرام.
كل تلك الأسباب ناتجة عن قلة الوعي بالمؤسسة الزوجية وعدم النضوج وبعض آفات العصر التي غزت مجتمعنا في غياب التوجيه والتثقيف الأسري والمؤسسات المجتمعية التي لا بد وتتبدل وسائلها حسب إيقاع العصر ومتطلباته، كما تقنين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي أحدثت شرخًا في سقف العائلة، إضافة لضرورة تصحيح فكر الشباب وفق منظومة القيم ونهج ديننا.
رغم تعارف الأزواج قبل الزواج في المجتمعات الغربية ولفترة قد تطول إلا أنه حسب كلام صديقنا الفرنسي أن نسبة طلاق التراضي في فرنسا بلغ 54 في المائة وهناك مساعٍ للمختصين لجعله أكثر سهولة حسب موافقة الطرفين، والهدف من التعديل تخفيف العبء على المحاكم بعد أن كان صعبًا ومرهقًا في الماضي، وحسب كلامه فإن أسباب الطلاق بسبب الخيانة، والمرأة هي التي تطلب الطلاق بنسبة 75 في المائة ومعدل عمر الطلاق 42 عامًا.
الطلاق واحد وتعددت أسبابه، لكن تبعاته مرهقة وخسائره عالية سواء المادية أو إن كان بين الزوجين أطفال فهم ضحية هذا الزواج الفاشل الذي سيتسبب في ضغوط نفسية عليهم ووقوعهم عرضة لسهام خلاف الوالدين، على عكس طريقة التعامل مع الأطفال في الغرب في حالة الطلاق وإبعادهم عن وتيرة التوتر.
النسبة الكبيرة للطلاق في المملكة تحتاج لتحرك سريع ولأن الأسباب تعد ثانوية ولا تقارن بمثلها في الغرب من أسباب يصعب معها رقع الصدع، فإن حله في المتناول مع وعي الزوجين بقداسة المؤسسة الزوجية وضرورة عمل جهد كافٍ وتضحيات متبادلة للوصول لشط الأمان.