فهد بن جليد
أتحدث عن تاريخ الإنتاج الذي «سقط عمدًا» من منتجات الألبان وبعض المواد الغذائية، والاكتفاء بتاريخ الانتهاء فقط، نتيجة تقدّم شركات الألبان المحلية بطلب إلغاء تاريخ الإنتاج من عبوات الألبان والحليب، بحسب التزام السعودية بذلك أثناء انضمامها لمنظمة التجارة العالمية، وعلى اعتبار أنَّ الاشتراطات السعودية صارمة في هذا الاتجاه، ولا تتوافق مع اشتراطات المنتجات الطازجة لدول العالم الأخرى التي لا تُصرح عادة بتاريخ الإنتاج، ولا أعرف لماذا علينا خسارة خطوة مفيدة للمُستهلك تعطيني الأفضلية والتميز بين الآخرين، من أجل مزيد من الكسب والتعتيم من التاجر المحلي والأجنبي فيما يخص تاريخ الإنتاج الذي أصبح «بصمة سعودية» تميز منتجاتنا، وإن خلَّفت معركة يومية يخوضها المُستهلكون في الأسواق والمولات للبحث في ثلاجاتها عن الألبان والمواد الغذائية المُنتجة حديثاً، ألا يُمكن التوصل «لصيغة توافقية» تمنح المنتجات مُدَّة أطول للبقاء، وتحفظ للعميل حق معرفة تاريخ الإنتاج المحلي لتلك المواد الغذائية الطازجة والألبان ومشتقاتها، أو حتى منح هذا الخيار لبعض الشركات التي ترغب مزيداً من التميز.
الخطوة التي بدأت عملياً مُنذ «ثلاثة أسابيع» تقريباً، حدثت -برأيي- على حين غِرَّة من المُستهلكين الذين لم يكتشف بعضهم الأمر بعد، مُعتقدين أنّها مشاكل مؤقتة وغير مقصودة في طباعة العبوات بحسب ما فهمته من كثيرين سألتهم أين تاريخ الإنتاج؟ فقبل نحو سنة أو أكثر طفت على السطح مثل هذه المُطالبة من الشركات المحلية وليست العالمية، وقيل إنَّ وزارة التجارة والاستثمار استجابت لهذا الطلب، واليوم نحن نعيش مفارقات غياب تاريخ الإنتاج -دون سابق إنذار- فلماذا لم يتم إشعار المُستهلك وتوعيته بأنَّه سيفقد تاريخ الإنتاج، لأسباب يتم ذكرها؟ وكيف يمكن أن يؤثِّر ذلك على جودة الأطعمة الطازجة؟ والخطوات البديلة التي عليه اتخاذها؟
هناك ثلاث جهات غابت -برأيي- عن المشهد في الوقت الذي كنَّا ننتظر منها رسائل توعوية، واكتفت بانتظار ردة فعل المُستهلك أولاً للتحرك على ضوئها، وزارة التجارة والاستثمار، هيئة الغذاء والدواء، وقبل ذلك جمعية حماية المُستهلك، إن كان هناك من حماية له ما زالت قائمة بعد سلسة خطوات من التجار غير مفهومة؟ ويجب التأكد منها كالحديث عن اختلاف و»تقليل» كمية الألبان مع إبقاء العبوات كما هي في شكلها الخارجي، رفع الأسعار تدريجياً وعلى مراحل مُتتابعة باتفاق معظم الشركات، وأخيراً إسقاط الشركات المحلية تاريخ الإنتاج عمداً مع سبق الإصرار والترصد، بعد التلويح باتفاقية «منظمة التجارة» نيابةً عن الشركات العالمية؟ فقط نريد أن نفهم بوضوح ماذا يحدث؟ ولماذا علينا القبول بإسقاط تاريخ الإنتاج؟ وما هي الآثار المُترتبة على ذلك؟
وعلى دروب الخير نلتقي.