فهد بن جليد
من بين مئات المقاطع المليئة بالإنسانية لرجال الأمن والصحة وخدام ضيوف الرحمن، لفت انتباهي «مقطع مُتداول» في الأيام الماضية لشاب سعودي يُحاول إسعاد الحجاج من خلال التكفل بنقلهم داخل المشاعر المقدسة إلى وجهاتهم التي يقصدونها «مجانًا» عبر الدراجات النارية -وهو يتعمد- أن يختار من يعتقد أنَّهم يستحقون المُساندة والدعم، من أصحاب الإعاقة، كبار السن، ومن يبدو عليهم الإرهاق، المُفاجأة وأثرها هما القاسم المُشترك بين جميع الحالات، فالحاج الذي يسير في طريقه ووجهته تتم دعوته لركوب الدراجة دون مُقابل لاختصار الزمن والجهد، لتغني الابتسامة السعيدة البادية على مُحياه عن ألف كلمة وكلمة تجاه هذا العمل الإنساني، بإدخال السرور والسعادة على القلوب بأقل التكاليف وأبسط الأعمال، بين صفوف الحجاج هناك أفكار ومُبادرات إنسانية ومَشَاهد لا حصر لها، أبطالها سعوديون تطوعوا لخدمة ضيوف الرحمن في كل مكان ابتغاء الأجر والمثوبة من الله عز وجل، يعملون عادة تحت مظلَّة عمل مؤسسي منظم يتبع لجهات تطوعية مُتعدِّدة، إلاَّ أنَّ المبادرات الشخصية العفوية كمبادرة هذا الشاب تبرز بنوعها وأثرها ومعناها.
المُبادرات الشبابية السعودية التطوعية في أعمال الحج حظيت باهتمام وبتنظيم أكبر في السنوات الأخيرة، وظهرت بصورة مُشرفة ومشرقة بعد أن تم ترسيخ مبدأ التطوع وخدمة ضيوف الرحمن بإيجاد منظومة متكاملة ومستدامة للعمل التطوعي في الحج، كجزء من مفهوم أشمل للتطوع الذي تهدف له رؤية المملكة 2030، صحيح أنَّ هذا النوع من الأعمال التطوعية الذي تشرف عليه الجهات التنظيمية مثل «وزارة الحج، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية، الدفاع المدني، ووزارة الصحة وغيرها»، يحقق أهدافاً أكبر وأشمل ويأتي ضمن فرق عمل تطوعية مؤسسية مُتكاملة ومنظمة لاستثمار الطاقات والإمكانات والتخصصات الشبابية وتوظيفها في الاتجاه الصحيح الأكثر نفعًا، لكن المُبادرات الإنسانية البسيطة والعفوية واللحظية التي تلتقطها العين «هنا وهناك»، يبقى لها أثر إنساني عميق في النفوس، كونها تأتي انعكاسًا صادقًا لموقف آني، وبمُبادرة بسيطة شخصية، تكشف للعالم المعدن الأصيل للإنسان السعودي وأخلاقه الإسلامية القيمة، وهو ما يجب أن نحافظ عليه ونتمنى رؤيته دائمًا.
مثل هذه المقاطع تعكس المبادرات الشبابية وتترك أثراً إيجابياً لجزء بسيط من إنسانية السعوديين في الحج، الذي هو امتداد لما تقوم به الدولة بكل مؤسساتها، والأجمل دائمًا أنَّ الصور الإنسانية المليئة بالرحمة والعطاء والعطف والأخوة والمحبة ستبقى حاضرة في ذاكرة حجاج بيت الله الحرام، بعد أن عاشوا تفاصيلها في الأيام والأعوام الماضية، وهم شهود الله في الأرض، وإن غابت عدسات المصورين وكاميرات الهواتف المُتحركة.
وعلى دروب الخير نلتقي.