د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
أشرعتْ منطقة الحدود الشمالية أبوابها للتنمية المستدامة، فهيأتْ مدارج الصعود التي لم يكن هناك وقتٌ لبطئها؛ وفي الصعود وحده تكمن الطموحات وتتوهج المنجزات! فاصطحبتْ نسائها للمشاركة في قيادة ذلك الفكر التنموي الجديد كمفتتح للتطوير؛ وكمؤثر قوي في دوافع الناس العامة وميولهم وتصوراتهم الخاصة؛ فكانت رحلة مدهشة متعاقبة رُصدتْ لها انعطافات مفصلية في رسم لوحات النهوض بألوانها المتنوعة، وحيازة أدواتها لتحقيق التكامل من خلال المشتركات العامة والخاصة؛ ولقد كانت وما زالت البواعث التنموية مُسْتَوْعَباً مكيناً لتحقيق الأمان والاستقلالية والثقة في مجتمع المرأة هناك، وليست المبادرات النوعية إلا انتقالاً إلى الآمال والتطلعات في آفاق الوطن كله، وحيث وجدتْ المرأة السعودية في الحدود الشمالية كما هي في بلادنا كلها وجدتْ متكآت وافرة لرفع محصلة المكتسبات المعرفية التي تصنع العقول التواقة للتعبير عن المشاركة الحقيقية فتوالى هناك ريّ الحكايات في تلك الجوانب بتقديم المدرك التنموي من خلال الصورة الذهنية التي تستحقها فعلاً النساء هناك؛ فهناك تفاصيل تنموية ماثلة للعيان لا تخفى على ذي لب، وهناك فرح وفخر يغمر الناس، حيث الانتقال الأنيق إلى شمال مختلف جداً بقيادة أمير تواق ذكي كَلِفٌ بالنهوض والحضارة شغوف بالمواطن الشمالي حينما يرقى ويترقّى.
وفي رواق دعم الفكر النسائي المتطلع الطموح تبنّى النادي الثقافي والأدبي في منطقة الحدود الشمالية حزمة من المبادرات النوعية لخلق المبدعات تمهيداً لوصولهن إلى منصات المشاركة الفاعلة في إعلان المجتمع الحضاري التواق في كتاب كبير تورق صفحاته بالمواهب في الفنون والآداب فكانت مبادرة [بواكير السطور] العملاقة في مضامينها السامية في أهدافها وهي مبادرة نوعية؛ أعدتْ لذوات الطاقات الثمينة في الكتابة متكآت عليا ليُحْدِثنَ فرقاً في مجال الكتابة وفق مجالاتها المختلفة؛ وذلكم الحراك الذي تبناه النادي الثقافي والأدبي يظهر حتما الثقافة الممزوجة بالتنمية المجتمعية التي ما زال النادي يمنحها بسخاء بقيادة رئيسه الحذق الأستاذ ماجد المطلق، فحينما تلقيتُ دعوة من النادي في أواخر الشهر الماضي لتنفيذ دورة قصيرة في الكتابة المقالية ضمن المراحل المعتمدة لمبادرة [بواكير السطور] شعرتُ أنني من ذلك الجمهور المثقف الشغوف الذي يجب أن ألقاه هناك.. فالتقيتُ الواعدات في الشمال الأشم وهن يدلفن إلى النادي وفي إهابهن عزيمة وصدق وبوح وجداني أنهن قادمات!.. فأجزلن لي دورة جديدة ندية ودودة في الانتماء للمكان والاعتزاز بالأرض والتوق للصعود الممنهج المنظم، ومضى اليومان المحددان للدورة وأنا أبحث عن فلسفة جديدة لإضفائها على فكرة المبادرة ورسالتها كما وردت في الوثيقة [صقل وتأهيل المواهب اليافعة في الكتابة عبر توفير حواضن تدريبية على مستوى عال من الجودة].. أما الغاية فهي مُثلى حينما نصتْ على [الإسهام في تكوين قوة ناعمة من الكاتبات للذود عن الوطن والمشاركة في دعم التنمية الحديثة]، وتلك المبادرة أخذت مساحة من التخطيط والإعداد؛ وشُكّلتْ من أجلها فرق رئيسة وفرعية، وتم الإعداد لها على مراحل وتحديد وقت كل مرحلة تتصدرها إتاحة الفرصة لكل الراغبات من المحافظات والمدن في منطقة الحدود الشمالية للتسجيل في المبادرة والتحفيز من أجلها،، فكان الصيد مجزياً والنواتج مبهرة.
فهناك في الحدود الشمالية عقول نسائية زاخرة بالوعي والفكر القويم، وهناك أقلام جميلة، وفكر مستنير، وإتقان وجودة، وصور جلية عن مجتمع شفاف رقيق تورق الرمال بين أيديهن، ويعلو سقف التواصل هناك والوشائج متينة مكتنزة!.. وهناك لافتٌ آخر هو استثمارهن للقوانين الجديدة في دعم المرأة بالانخراط اللافت في قيادة المركبة فلقد اصطحبتني رئيسة اللجنة النسائية في النادي الأستاذة [منوة] في جولة فاخرة هناك.
وغادرتُ «عرعر» في الحدود الشمالية حيث مقر النادي الأدبي والثقافي بعد اللحظات الفاخرة التي صنعتْ جمال التلقي وعلو كعب الاهتمام والحرص والانضباط وإتقان أبجديات التدريب والتطوير في فضاءات المرأة.. وحتماً سوف تُصهر هناك مميزات المرأة الشمالية إلى مميزات تُصاغ وتعمل -بإذن الله- وتمضي قُدُماً.