فهد الحوشاني
نجح موسم الحج، وانتشرت صور نجاحه في أصقاع العالم، وتحدثت وسائل الإعلام عن قدرات السعوديين العظيمة في إدارة وتنظيم هذه الشعيرة الكبرى بكل اقتدار واحترافية. وسائل التواصل الاجتماعي كانت منصة، تُطلق منها صور وعبارات جسدت علاقة حميمة بين رجال الأمن والمتطوعين والكشافة وجموع الحجاج.. وداع ودموع ودعاء للمملكة وشعبها كانت هي آخر العبارات التي ودّع بها الحجاج بلاد الحرمين.. قالوها بكل لغات العالم «شكرًا للسعوديين وللسعودية».. مبهورين بالاستعدادات والإمكانيات التي وفرتها حكومة خادم الحرمين دون فضل ولا منّة؛ فالمملكة حكومة وشعبًا تعهّدت خدمة الحجاج ليس تفضلاً منها، لكنه فضل إلهي، وميراث توارثناه منذ القدم، وشرف لن نتنازل عنه لكل طامع متلون متغير المبادئ، لا يهمه من الحج إلا ما يبثه من شعارات، وما يطلقه من مناكفات ومزايدات، تؤول إليه في كل عام حسرة وهو يشاهد هذا النجاح العظيم. وقد أعلنت المملكة بحزم أنها لن تسمح للغوغائيين بأن يمارسوا طقوسهم وشعاراتهم السياسية التي لو سُمح بها لكانت المشاعر المقدسة ساحة مفتوحة، تُقام فيها التظاهرات التي تروج للدعايات السياسية والمذهبية التي بالتأكيد ستجد مَن يحاول الرد عليها من أطراف أخرى بمثلها؛ لتؤخذ هذه الشعيرة بعيدًا عن هدفها! وهذا بالتأكيد ما يريده من يدعون إلى مسيرات البراءة وحشود الشعارات الغوغائية؛ فهم أبعدوا شعوبهم عن الدين النقي، ويريدون أن يفعلوا ذلك مع الشعوب الإسلامية متخذين من الحج ساحة لممارسة غوايتهم.. لكن المملكة كانت بالمرصاد لكل دعوات ودعايات من يريدون أن يحولوا الحج بوصفه شعيرة وعبادة إلى طقس احتفالي، تتناحر وتتفاخر فيه الشعوب بشعارات ما أنزل الله بها من سلطان! وبفضل من الله، ثم بفضل السياسة الحكيمة والحازمة، قضى الحجاج مناسكهم دون تشويش وبلا شعارات سياسية، بل عاش الحجاج روحانية، أدوا فيها مناسكهم بكل طمأنينة وخشوع، بعد أن حمتهم المملكة بموقفها الحازم من مؤامرات وتوصيات الذين يريدون إفساد الحج عبر الاحتشاد الغوغائي!
سيسجِّل التاريخ أن دولتين فقط هما من تصدَّرا دعوات التشويش والتضليل، هما إيران وقطر!! إيران عبر دعواتها ومحاولاتها المستميتة لتحويل الحج إلى ساحة لشعارات الثورة الإيرانية، وقطر عبر محاولات تسييس الحج. وقد فشلت الدولتان - بحمد الله - فشلاً ذريعًا في مساعيهما المشينة. ويأبى الله إلا أن يُتمّ نوره على حجاج بيته في كل عام؛ ليؤدوا مناسكهم في أمن وخشوع!
أجهزة هواتف الحجاج ووسائل التواصل الاجتماعي مُلئت برسائل حب للسعودية وأهلها؛ فما قام به رجال الأمن والكشافة وجميع منسوبي الدولة من مواقف وخدمات للحجاج أشعرنا بـ(الفخر)، وجلب (الذل) و(المهانة) لكل المغرضين.