مها محمد الشريف
لطالما صدعت قطر رؤوس العرب والعالم بالحديث عن سيادتها واستقلالية قرارها السياسي لكن في كل يوم تقدم ما يثبت ويبرهن أن سيادتها المزعومة معروضة للبيع. بل وهي من تدفع الثمن لأولئك الطامحين بالاقتراب من منطقة الخليج المغذي الرئيسي للاقتصاد العالمي بالنفط والغاز، فها هي تعلن عن قرب افتتاح قاعدة تركية في الخريف المقبل بخلاف القواعد الأمريكية الموجودة فيها والتي تقوم قطر بالإنفاق على تطويرها من إموال شعبها دون سبب مقنع سوى أنها أرادت أن تختلق لنفسها عداوات مع كل محيطها الخليجي بل والعربي بمؤامرات وخيانات يطول سردها.
هل هو عمى البصيرة أم هي خطوة على الطريق باتجاه الهلاك؟ فكل الدلائل تؤكد أن هذه الدولة الصغيرة محتلة بواسطة عملاء يحكمون قطر وليس نظام دولة لها سيادة وسياسة مستقلة تستقبل هدايا مسمومة وتفرح بها وتوليها أهمية كبيرة، وتعمل بجهد لإرساء أسس لقواعد عسكرية تركية. بل يتحدثون لوسائل الإعلام بخيلاء كالحمقى عن حفل الافتتاح الكبير في الخريف.
من الصعب في عالم اليوم أن تجد مبررًا مقنعًا لما يقوم به نظام الحمدين الذي باع أرضة لأعداء الأمة، ومن فرط الصدمة يحتفلون بالاحتلال التركي، هذه الكلمة الموجعة «احتلال» تظل طعنة في الجسد العربي واختلال أفقد البلدان المنكوبة توازنها وسيطرتها. بعدما شاعت فيها الفوضى، وبدأت نتائج نظريتها بالتفكك كمرحلة جديدة ممنهجه، فمن المؤكد أنها ستنتج امتدادات وتفرعات مضطربة، وتخبطات سياسية.
إن ما يجري في قطر ليس مجرد اضطراب ولا اختلال توازن، إنه خيانة واستراتيجية للإرهاب الذي تمارسه سعيًا للسيطرة والسلطة وزراعة الفوضى جمعت المتناقضات، لكنها لا تعلم بأنها ترسم نقطة النهاية، وتستنجد بالتحالفات التركية الإيرانية وبالاتفاقية الثنائية بين البلدين، التي تم التوقيع عليها في الدوحة في الثامن والعشرين من أبريل عام 2016 والتي تحتوي على الكثير من الغموض.
وهذا جانب يسير من الحقيقة يخبرنا بتفكيك العالم العربي، وخدعة قطرية مكشوفة، واتفاقية تركية بها الثغرات والألغاز لا تنص على فترة زمنية محددة للوجود التركي في قطر، استطاع من خلالها أردوغان تمرير ما يريد دون مشقة ولم يحدد أي التزامات أو مطالب يتم تنفيذها لصالح قطر مقابل الاحتلال، علمًا أن تركيا لم تكن صادقة مع حلفائها وفشلت سياسيًا والخيارات التي أمامها صعبة ومعقدة.
لماذا سلم تميم قطر لتركيا؟ هل هو تعويض لخسائرها؟ وأين الشعب القطري من هذا الاستعمار وموقفه من النظام الفاسد في البلاد؟ أم أن الشعوب العربية معتادة على هذا النمط من العجز؟!.