د. محمد عبدالله الخازم
نهنئ الجميع بموسم حج كان ناجحًا وفق مختلف الشهادات المحلية والدولية. وبما أن اللجان ترصد الملاحظات بعد الموسم كما هو معتاد أكتب اليوم عن حملات الحج التي تنظمها بعض الجهات لمنسوبيها، مستفيدة من كونها ضمن المشاركين الدائمين في تقديم خدمات الحجيج. لم أكن أعرف عن هذا الموضوع حتى أتصل أحدهم يطلب مني التوسط لدى مسؤول لغرض ضمه للمستفيدين من حملة الحج بالجهة التي يعمل بها. ضمن تذمره أشار إلى أن الحملة قبلت غير سعوديين بينما لم يكن له نصيب فيها. اقترحت عليه ألا يكون ذلك محور الشكوى فالإسلام للجميع وقد يكون فيها إيجابيات كبيرة لو خصصت للأجانب وفق شروط واضحة، لاعتبارات ليس المجال التوسع فيها وأسوة بالضيوف من الخارج. بعيدًا عن ذلك، اكتشفت التذمر من بعض الجنود، منسوبي تلك الجهة، فهم يتقدمون بغرض الانضمام لهذه الحملة والانتظار سنوات ولا يأتيهم الدور، مما يعزز فرضية الواسطات والمحسوبيات.
في البداية رأيتها فكرة جميلة أن تتولى الجهة التي انتمي لها حملة للحج فربما استفيد من ذلك في قادم الأيام، لكنني بعد التأمل اسأل ولماذا جهة أو جهات محددة لديها حملات حج وتسير معهم دورية عسكرية وغيرها من التسهيلات وجهات أخرى ليس لديها هذه الميزة؟ لن اعترض على حملات مخصصة لفئات معينة وفق مسوغات معينة، كأن تكون لأسر الشهداء أو للمحاربين القدامى أو ما يصدر به تخصيص، لكن اسأل هل جميع الوزارات لها نفس الميزة، أقصد تنظيم حملات حج لمنسوبيها؟ هل هناك قواعد واضحة للملتحقين بتلك الحملات؟
سيأتي من يتهمني بالحسد، أو يرى بأن أولئك الموظفين يستحقونها، إلى آخره من التفسيرات، لذا أوضح أنني أكتب من مبدأ أن جميع موظفي الدولة لهم نفس المميزات، كل وفق فئته ومرتبته الوظيفية، ومن العدل أن تتاح للجميع خدمات مماثلة. هذا من جانب ومن الجانب الآخر، إمكانات بعض الأجهزة يجب أن تسخر لخدمة الحجيج وعندما تميز منسوبيها بسكن أو خدمة أو دعم مميز في أداء مشاعر الحج يكون أمرًا غير مريح في مفهومه العام. لذا أدعو أولاً، إلى إيضاح نظامية تلك الحملات وعدالة منحها أو توزيعها ضمن القطاع الذي يتبناها، فهل أولويتها حسب مدة الخدمة أو نوعها، حسب الجنسية، حسب الرتبة العسكرية، إلخ. نفس الجهة التي تنظم حملة حج لمنسوبيها ترفض قبول الطلاب والمتطوعين بحجة ضيق المكان وعدم توفر وسائل النقل، فمن له الأولوية هنا؛ التدريب للأجيال القادمة أم تقديم خدمات خاصة للموظفين؟
ثانيًا، هي فكرة جيدة، ضمن المسؤولية الاجتماعية دعم المؤسسات موظفيها لأداء الحج والعمرة، لكن ليس عن طريق القطاع الحكومي ذاته. يمكن التفاهم مع مؤسسات متخصصة لتقديم تخفيضات أو خدمات مميزة، فهذا أسلم من ناحية تجنب تضارب المصالح وعدم إيجاد أقاويل داخل القطاع حول الواسطات والتمييز بين موظف وآخر. بعض الجهات تستقطب خصومات تجارية لمنسوبيها في مجالات شتى، فليكن منها تخفيضات لدى شركات الحج..
الخلاصة؛ أدعو إلى مراجعة وتقنين حملات الحج التي تتبناها بعض القطاعات، وربما إيقافها بالكامل!