فهد بن جليد
البترول ومشتقاته ليس هو المنتج السعودي الوحيد الذي يجب أن يعرفنا به العالم -رغم أهميته وقيمته عالمياً- ثمَّة منتجات وصناعات سعودية أخرى تستحق الإشادة والإشارة، ما بين شهري «ديسمبر ومارس» من كل عام تصبح مزارع الورد في جبال الطائف «قبلة» لتجار ومُصنِّعي العطور الفرنسيين، الذين يستوردون الورد الطائفي «الأغلى عالمياً» ليعيدوا تصنيعه وإدخاله في تركيبة أشهر «ماركات العطور» العالمية، كثير من زوار «قرية ورد» في منتزه الردف بموسم الطائف مصيف العرب، توقفوا هذه الأيام كثيراً أمام بعض «البراندات» الأغلى والأشهر والأكثر مبيعاً حول العالم، والتي هي في الأصل مستخلصة من عطور سعودية، ولا أعرف لماذا تغيب مثل هذه المعلومات الاقتصادية المهمة عن المنتجات السعودية في المناهج التعليمية، أو على الأقل أن يتم تسليط الضوء عليها إعلامياً بشكل دائم لأنَّه لا يمكن وصف الشعور والإحساس الذي بدا واضحاً على الوجوه بأنَّ منتجاتنا الوطنية هي مادة أساسية في هذه الصناعات العالمية، نحن في حاجة إعادة اكتشاف أنفسنا ومواردنا الطبيعية وتعزيزيها وتنميتها أكثر من أي وقت مضى.
مؤسف أن نستورد بعض مُنتجاتنا مرة أخرى بعد منحها مسميات عالمية كبيرة، ولا نعلم أنَّ المنتجات الوطنية السعودية تدخل في تركيبها أو هي جزء أساسي من هذه «الماركات» العالمية، هناك منتجات سعودية أخرى ما زالت تصدر بصمت، ويتم إعادة استيرادها للسعودية مرة أخرى على شكل «منتجات عالمية» وبأسماء تجارية، مثلاً التمور السعودية التي تصدر من القصيم والأحساء -والتي نعيش اليوم موسمها- فأجود هذه الأنواع يتم تصدير كميات كبيرة جداً منها إلى الخارج ليتم إعادة تصنيعها، أو حتى إدخالها في تركيبة منتجات غذائية عالمية، أو على الأقل إعادة فرزها وتغليفها مرة أخرى، قبل بيعها وتصديرها إلى طرف ثالث على أنَّها منتجات محلية للدولة الوسيطة، دون أن يتم ذكر أنَّها «تمور سعودية» في الأصل.
أذكر أنَّني التقيت قبل عدة سنوات إحدى سيدات الأعمال السعوديات في المنطقة الشرقية بعدما نجحت في استزراع أسماك «الحفش» واستخلاص الكافيار السعودي بجودة ونوعية عالية جداً، أكبر التحديات -آنذاك- أنَّه يتم تصدير «الكافيار السعودي» لدول خليجية مجاورة، ولمصانع أوروبية عالمية مُتخصصة، ويتم إعادة استيراده مرة أخرى إلى السوق السعودي على أنَّه «منتج عالمي فاخر»، هناك قصص ومنتجات وصناعات سعودية أخرى في حاجة لتبني «جهة ما» متخصصة لها؟ إمَّا للحفاظ عليها وحمايتها كمنتجات سعودية، أو على الأقل حفظ «حقنا الأدبي»، بذكر هذه المنتجات السعودية لنعلم «نحن وأولادنا» قبل العالم، حجم تنوّعنا الاقتصادي. وعلى دروب الخير نلتقي.