د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
كل التحليلات ركزت على إفصاح أرامكو الأول عن أرقامها الاستراتيجية لتبيان مركزها المالي، والدخل والتدفقات النقدية عن النصف الأول من عام 2019، واعتبرتها مرحلة فارقة في تاريخ أرامكو التي ركزت على تربع أرامكو على قمة شركات العالم بلا منازع، بل كانت المسافة بينها وبين أقرب شركة أيضًا واسعة؛ فأرباح أرامكو بلغت في النصف الأول 46.9 مليار دولار، فيما بلغت أرباح الشركة الثانية بعد أرامكو (شركة رويال داتش) 8.8 مليار دولار للفترة نفسها، وشركة أكسون موبيل حققت نحو 5.5 مليار دولار، بل أفضل شركة تضع نفسها في مكانة بعيدة عن أرامكو، وهي أبل؛ إذ بلغت أرباحها نحو 31.5 مليار دولار، وحققت مايكروسوفت نحو 18.8 مليار دولار، وحقق مصرف جي بي مورجان نحو 18.8 مليار دولار.
رغم أهمية هذه المكانة لكنني أتحدث عن التحول الجذري لشركة أرامكو الذي يتماشى مع التحول الجذري لاقتصاديات الدولة في جميع المجالات، والبحث عن أطر إنتاجية متطورة بجانب تنشيط اقتصاديات خاملة، إلى جانب تصدير النفط الخام، وإن كانت الخطط تهدف إلى تقليص تصدير النفط الخام مستقبلاً، وهو ما يتماشى مع رؤية المملكة 2030.
حتى الآن تنتج أرامكو 13.2 مليون برميل مكافئ نفطي في اليوم، ومتوسط إنتاج يومي من النفط الخام 10 ملايين برميل. واستنادًا للمكانة الريادية العالمية التي تتبوؤها أرامكو في قطاع التنقيب والإنتاج فقد مضت في تنفيذ استراتيجية النمو في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق، بما في ذلك عقد صفقات الاستحواذ، سواء داخل المملكة أو في كبرى الأسواق العالمية من أجل الحصول على أسواق مضمونة. هذا أولاً، وتتجه ثانيًا نحو زيادة طاقة التكرير وإنتاج الكيميائيات من أجل تحقيق القيمة من التكامل.
استحواذ أرامكو على 70 في المائة من أسهم شركة سابك، التي تعد من بين كبريات الشركات من حيث الدخل في مجال البتروكيميائيات على مستوى العالم يعد خطوة نحو تحقيق استراتيجية الشركة الجديدة في تحقيق القيمة من التكامل، وهي نقلة نوعية في تسريع نمو قطاع التكرير والمعالجة والتسويق من خلال تحقيق التكامل بين مجالَي البتروكيميائيات والتكرير، وتعزيز الربحية والقيمة المضافة من كل جزء نتيجة الشركة.
لذلك تتجه الشركة نحو تعزيز جهودها في مجال الابتكار من خلال عدد من المشاريع والمبادرات الرائدة، مثل تحويل النفط الخام إلى كيميائيات وصناعة المواد غير المعدنية وتقنية الوقود الهيدروجيني.
ويكشف تقرير جديد أعده المنتدى الاقتصادي العالمي عن بعض الاختراعات المبتكرة التي يتوقع أن تؤثر تأثيرًا جذريًّا في النظام الاجتماعي والاقتصادي العالمي؛ وبالتالي ستكون الأكثر قوة في جذب الاستثمار.
وتسمى بالأبطال الجدد.. والمقصود بالأبطال الجدد التقنيات الجديدة. وستؤدي التقنيات الجديدة إلى تعطيل النظام القائم المعمول به بشكل إيجابي، وأن تكون جذابة للمستثمرين والباحثين، وأن تتوقع تحقيق نطاق كبير من التوسع والانتشار في غضون السنوات الخمس المقبلة، وتشمل أفضل عشر تقنيات ناشئة لعام 2109 اختارها المنتدى، أولاها اللدائن البلاستيك الحيوية لاقتصاد تدويري؛ فالحضارة مبنية على البلاستيك؛ ففي عام 2014 أنتجت هذه الصناعة 311 مليون طن متري، وهو رقم من المتوقع أن يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2050.
أقل من 15 في المائة من البلاستيك في العالم يتم إعادة تدويره، أما الباقي فيُحرق؛ ولذلك استراتيجيات شركة أرامكو الجديدة تتماشى مع المستقبل.