سهوب بغدادي
إن بر الوالدين أمر لا يختلف عليه اثنان فكما جاء في سورة الإسراء: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. إن البر ليس بالأمر الهين بتاتًا خاصة عند كبر أحد الوالدين أو كلاهما فقد يحتاج المسن إلى رعاية جسدية -كل ما يدخل في الأمور اليومية من المأكل والمشرب والتنقل من مكان إلى آخر- وتصل الرعاية الجسدية في بعض الأحيان إلى الرعاية السريرية -متعنا الله وإياكم ووالدينا ووالديكم بالصحة والعافية- وتعد من أصعب المراحل نظرًا للاحتياج الماس للرعاية غير المنقطعة على مدار الساعة من علاج واهتمام بجميع التفاصيل ويدخل في ذلك الأمراض الفيسيولوجية (المتعلقة بالبدن) والسيكولوجية (الأمراض النفسية) كما يدخل العديد من كبار السن في حالة شديدة من الاكتئاب على سبيل المثال لانعدام الأنشطة والأهداف اليومية فاليوم مثل غدٍ وغدًا مثل بعد غدٍ خاصة إن كان كبير السن تعرض لفقد صديق عزيز من عمره كان يؤنسه أو الأصعب من هذا فقدان جميع أهله وأحبابه من زمنه القديم فبمجرد موت آخر شخص منهم تنتهي معه ذكرياته وتصبح روحه باهتة في زمن غريب، فأغلب الظن بأن جميعنا سمعنا مقولة «الأعمار بيد الله يا ولدي، إن الله أحيانا أو إن كنت موجودًا» فهم ينتظرون الموت.. لذلك اقترح أن نجعل دور العجزة مكانًا إيجابيًا عوضًا عن الصورة النمطية المقيتة المرتبطة بها، فلماذا لا تكون هناك دور أو أندية لكبار السن في كل حي يجتمع فيها الكبار وينمون صداقات جديدة مع القيام بأنشطة حركيّة ملائمة للوضع الصحي لكل فرد وأنشطة فكرية لتجنبهم مرض الزهايمر على سبيل المثال والأهم من ذلك توفر الكادر الطبي والتمريض وباستطاعة الطلاب من الكليات المعنية التطبيق والتدريب في هذه المراكز، كما تعد من أبرز وجوه الخدمة المجتمعية. بالطبع لا أقصد أن نترك آباءنا وأمهاتنا في هذه الأندية ونتملص من واجباتنا تجاههم بل نعدها بمثابة مكان ترفيهي لهم يقضون فيه بضع ساعات في الأسبوع لإضفاء نمط حيوي لمعيشتهم.