د. حسن بن فهد الهويمل
الشرفُ الذي لا يُنازع. والخُصوصية التي لا تُطاوَل. والنِّعم التي لا ينقطع مددها على بلاد الحرمين:- [المملكة العربية السعودية]: دولة، وشعباً، وحكومة.
تتمثل في نهوضها بخدمة ضيوف الرحمن من حجاج، ومعتمرين. وتقديم الخدمات المتميزة لهم، وتسهيل الوصول {إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ}.
هذه البقاع الطاهرة، التي تهفو إليها نفوس ظامئة، وأفئدة فارغة، لا يغبُّ تدفقها من الرجال، والنساء، والشباب، والشيوخ يُجِيْبون نداء أبيهم إبراهيم عليه السلام حين شرفه الله بالأذان:- {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}.
المملكة طوال العام تعيش حالة استنفار، لتطهير المشاعر للطائفين، والعاكفين، والركع، السجود.
تجند آلاف الكفاءات المدربة.
وتنفق المليارات طائعة مختارة.
وتدير الحشود بأسلوب سليم بهر دول العالم.
وتستعد لكل طارئ.
ثم تجد في ذلك كسباً لها، وفضلاً عليها، لا تمن، ولا تؤذي، بل تعتذر في كل موسم عمَّا يبدر من تقصير لم تتعمده، ونقص لم تتداركه.
إن ما بذلته المملكة منذ عهد المؤسس، إلى عهد المجدد. من تأمين طرق، وتوفير متطلبات مُخْتلفة، وتوسيع مشاعر، وتجهيز كافة المرافق من جميع أنحاء المملكة، يعد بحق أكبر عمل عرفته المشاعر، وأضخم مشاريع ظفر بها الحرم الشريف، وكافة مرافقه في [منى]، و[عرفات]، و[مزدلفة]، و[الجمرات] وما بينها من طرق.
هذا العام تم بخير، ولم يشهد ضيوف الرحمن ما يعكر الصفو. وتلك منة يمن بها الله على هذه البلاد، وقادتها، وشعبها. فله الحمد حتى يرضى، وله الحمد إذا رضي، وله الحمد بعد الرضا، عدد خلقه، وزنة عرشه، ورضا نفسه، ومداد كلماته.
والشكر أصدقه، والثناء أوفره، لرجال: الأمن، والصحة، والدفاع المدني، والمرور، والكشافة، وللموسرين المحسنين من أبناء هذا الوطن المعطاء. إنها تظاهرة إسلامية، كشفت عن سخاء المملكة، وقيامها بمهماتها النبيلة، على الوجه الذي يرضي الله، ويطمئن النفوس السَّوِيَّة.
وما قدمته المملكة، وتقدمه على مر الزمن، لا تريد منه جزاء، ولا شكوراً، إنه عمل خالص لوجه الله، وواجب يتحمله كل مسؤول، وكل مواطن بصدور رحبة، ورغبات أكيدة، وتدبير دقيق، ونظام شامل.
أطلق ألْسِنَةِ العالم بالثناء، والإعجاب، وأخرس ألسنة الأعداء، ورد كيدهم في نحورهم.
انتهى موسم العطاء، وعاد المخططون، والمنفذون يستعرضون، ويقوِّمون، ويستعدون لمواسم العمرة المستمرة، ولموسم الحج القادم.
تجارب متراكمة، وخبرات متعددة، تُجْمَع، وتصنف، وتحلل، وتقوم، وتفتتح بها المواسم المتواصلة، إنه جهد جهيد، ولكنه عز، وتمكين، ونصر من الله مبين.
شكر الله لخادم الحرمين الشريفين الذي ظل بشخصه يتابع، ويوجه، ويرحب، ويكرم الوفود، ولعضده القوي.
والشكر موصول لـ[أمير مكة المكرمة]، وللجنود المجهولين الذين ما زالوا يسترشدون بتوجيهات خادم الحرمين، ويؤدون أدوارهم على الوجه الأكمل.
اللهم تقبل من كل حاج لم يرفث، ولم يفسق، ولم يجادل، وعظم أجر الجنود المجهولين الذين تحقق على أيديهم نجاح هذا الموسم.
لقد شهدنا لقطات إنسانية تدل على وفاء الشعب السعودي بكافة التزاماته، ونجاح المسؤولين في إدارة الحشود.
هذه الإنجازات المبهرة سَرَّت الأصدقاء، ودحرت أعداء البلاد، وأقضت مضاجعهم. وخيبت آمالهم. حتى لقد أسقط في أيديهم.
في كل موسم حج تشعر الدولة، ومن ورائها الشعب بأهمية المسؤولية وخطورتها، ومن ثم تحشد كل طاقاتها، وإمكانياتها ليمر الموسم بسلام.
ويأتي هذا العام في ظل ظروف عالمنا العربي العصيبة كاشفاً عن كفاءة الإنسان السعودي، وأهليته لتحمل أشد المواقف، وأصعب اللحظات.
اللهم نصرك، وتوفيقك، وتثبيتك لوطن المقدسات: قادة، وعلماء، وحكومة، وشعباً. إنك ولي ذلك، والقادر عليه.